الرصاص أحرف لغة عشاق الدم... عشاق الدم أسرى المال والشهوة... انتزعوا معطف الضمير وقالوا للمسدس أنت أداتنا في التعامل مع الغير.
طَهِرْ قَلْبَكَ وَأَخْلََقَكَ وَدَعْهُمْ يَقُولُوا مَايَشَاءُونْ.
هذه القوانين إنما تسعى في الغالب إلى صيانة الحد الأدنى من القيم، والذي بدونه يصبح المجتمع عرضة للتفسخ والانحلال. بينما يُترك لقوالب التهذيب الأخلاقي السائدة داخله مهمة تحقيق التنشئة الاجتماعية السليمة، وإلزام الفرد بالولاء لبناء قيمي يسمو بكيانه ويرقى بفكره وسلوكه.
تكمن أزمة الذهن العربيّ، الَّذي أصابته التبعيّة بلوثةٍ عقليّة؛ في أنه ظنَّ أن التقدُّم وسيلته تدمير التراث، وتخريب الثوابت، وإهدار الأصول، وطمس القيم، وإنكار الدين! وعادةً ما تتستَّر هذه الهيستريا العقليَّة بدعاوى الإبداع ومَزَاعم التجديد، وهي في حقيقتها ليست سوى محاولات جاهلة تَتشرَّب بأمراضٍ عُصابيَّة تحتاج مصحَّات نفسيَّة، لا المناقشة في حلقات فكريَّة.
لقد كانت الطريقة الَّتي تُنتج بها المعرفة هي أهم ما ورثه الفيلسوف اليوناني عن الحضارات الشرقية القديمة، وهي نفس الطريقة الَّتي سيرثها العالم الإسلامي في عصره الذهبي، ثم يعيد تقديمها إلى أوروبا في عصر النهضة، كي تمثل ذات الطريقة عماد عصر الأنوار بعد ذلك. أنها الطريقة القائمة على تصنيف المباديء والأصول واستخلاص المشترك وجمع المتشابه علوًا بالظاهرة الَّتي ينشغل به الذهن عن كل ما هو ثانوي وغير مؤثر.
احتاج إلى استبدال القوم والزمان والمكان احتاج إلى نسف الكثير وتدمير الكثير.