إقتباسات

أشهر وأفضل مقولات و إقتباسات محمد عادل زكي

التبعية هي أن يفقد المجتمع السيطرة على الشروط الموضوعية لتجديد إنتاجه الاجتماعي؛ وذلك حينما يمسي عاجزاً عن الإنتاج دون أن يعتمد على السوق الرأسمالية العالمية الَّتي تحتكر إنتاج وسائل الإنتاج الَّتي يعتمد عليها هذا المجتمع المتخلف، التابع، في سبيله إلى تجديد إنتاجه السنوي، بل وفي سبيله إلى تحقيق وجوده الإنساني اليومي.

عادةً ما يُقدَّم التاريخ العلمي لأوروبا بل وللعالم بأسره، ابتداءً من أرض اليونان، إذ في تلك البلاد، كما اعتاد المؤرخ الأوروبي أن يقول، بدأ العلم؛ حيث ظهرت علوم الفلسفة والفلك والهندسة... ولكن الواقع التاريخي يؤكد على أن البدايات الأولى لتلك العلوم تشكَّلت في سومر وبابل وأشور ومصر وفينيقيا وفارس، ولم يكن الفيلسوف اليوناني سوى وريثًا تاريخيًا -- ربما نبيهًا ومجتهدًا -- لتلك الحضارات.

لقد كانت الطريقة الَّتي تُنتج بها المعرفة هي أهم ما ورثه الفيلسوف اليوناني عن الحضارات الشرقية القديمة، وهي نفس الطريقة الَّتي سيرثها العالم الإسلامي في عصره الذهبي، ثم يعيد تقديمها إلى أوروبا في عصر النهضة، كي تمثل ذات الطريقة عماد عصر الأنوار بعد ذلك. أنها الطريقة القائمة على تصنيف المباديء والأصول واستخلاص المشترك وجمع المتشابه علوًا بالظاهرة الَّتي ينشغل به الذهن عن كل ما هو ثانوي وغير مؤثر.

أن السبب، ربما الوحيد، الَّذي منع نشأة (علم) اقتصادي في القرن العاشر، في بغداد أو قرطبة، على الرغم من توافر جُل الظواهر الَّتي أنضجت العلم الاقتصادي، هذا السبب هو هيمنة الفقيه، والَّذي كان آنذاك لديه الإجابة، الشرعية، عن كل ما هو اجتماعي ولذا، حينما ظهر أصحاب العقول العلمية الجبارة كابن حيان، والخوارزمي، والكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن رشد، لم تكن لتشغلهم مسائل النشاط الاقتصادي الَّتي عالجتها مصنفات الفقهاء (وهي المصنفات الَّتي تتلمذ بالفعل عليها أكثرهم)، فقد كانت تلك المسائل محسومة فقهيًا آنذاك، حيث كان المهم هو معرفة الأحكام الشرعية للمعاملات، لا القوانين الموضوعية للظواهر.

بفضل قوة التجريد، تمكنت الذهنية الإسلامية في عصرها الذهبي من ترسيخ وتدعيم علم الأصول، واستقبال علوم السابقين والاستفادة منها في البرهان والجدل والقياس، والوصول، وفقاً لذلك، إلى الأحكام الشرعية التي بنيت آنذك على الإبداع والاجتهاد لا النقل والتقليد. وإذ ما استثنينا الفترة التي قوي فيها تيار المعتزلة برعاية الخليفة المأمون، فقد كان للفقيه كامل السطوة على الصعيد الاجتماعي، طالما لم يتقاطع موقفه السياسي مع رغبات السلطان ومصالح العرش.