تحميل كتاب فى البدء كان الكلمة pdf الكاتب خالد محمد خالد

موضوع هذا الكتاب يتخلص في أن حرية الكلمة "حق مطلق" لا يخضع لأي اعتبار، ولا يملك قانون حق تقييده، ولا يملك عرف حق تحديده. 
ونعني بالكلمة هنا، تلك الأداة العاقلة التي يعبر بها الفكر الإنساني عن ذاته، فحرية الكلمة شئ آخر، أكبر قدراً، وأوفى قداسة، من حرية اللغو، والشغب، والمهاترة، والذي يميز "الكلمة" من "اللغو" هو الفكر نفسه.. والفكر وحده. 
حرية الكلمة بهذا المفهوم. حق مطلق، ولقد يسارع بعض القراء إلى الظن بأننا نعطي "الكلمة" أهمية مفرطة، وأننا نكتب في هذه الصفحات بحثاً تجريديا، مادمنا نتحدث عن "الحق المطلق" في عالم كا أموره وحقوقه نسبية. 
بيد أنه من الخير لأصحاب هذا الظن -إن وجدوا- ألا يتعجلوا ظنونهم، وأن يقبلوا على قراءة البحث مطمئنين إلي أنه يسستمد من الواقع جوهره وشكله. 
ولقد آثرنا في دراستنا هذا الموضوع أن تكون صلتنا بالواقع أوسع أبعاداً، وأرحب آفاقاً. وكان السبيل لهذا، أن نناقش القضية في مستواها العالمي والتاريخي. 
ذلك أن "حرية الكلمة" لم تعان أزماتها في جيلنا وحده، بل عبر التاريخ كله. وهي اليوم، لا تعاني أزماتها في بلد، ولا في اثنين، ولا في عشرة.. بل إن تسعة أعشار المجتمعات والحكومات في عالمنا كله، لتسهم في إزجاء الأسباب التي تجعل حرية الكلمة في أزمة. ونحن نشخص هذا الوضع بأنه "أزمة".. 
ولقد بدأت بالحديث عن الكلمة باعتبارها "وثيقة الآدمية" لكل البشر.. ثم عرضت في إيجاز لقصة الصراع بين السلطة، والكلمة،ومحاولا أن أهتدي إلى الدرس الذي يعلمنا إياه ذلك الصراع.. 
ثم عرضت رأيي في أن حرية الكلمة "حق مطلق"، وفي أن الاقتناع بهذا، هو سبيل البشرية الأمثل إلى تثبيت خطاها المجهدة.. ثم تحدثت عن الكلمة حين تكون: لا.. أعني حين تأخذ دور المناقشة والمعارضة. ورأيت أنها في دورها هذا، أبر صديق للشعوب وللحكومات معا.. 
ثم تحدثت عن الكلمة في وطنها الأول.. في عقل الإنسان، وحاولت أن أعلاف واجب الكتاب وحملة الأقلام تجاه الكلمة. هكذا سرت بالحديث عبر هذه الصفحات التي هي أشبه بالنداء، منها بالكتاب. 
ترى، هل بقي شيء أريد أن أقوله في هذه المقدمة..؟ أجل.. أريد أن أوقول للقارئ: إذا كنت ستقرأ هذا الكتاب كلمة كلمة، فعليك أن تناقشه كلمة، كلمة.. إن هذه الصفحات لا تطمع في أن تعلمك شيئا جديدا. وإنما تطمع في تحفزك إلى تحريك عقلك في الجهات الأربع.

هذا الكتاب من تأليف خالد محمد خالد و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها