تحميل كتاب زواج المسيار حقيقته وحكمه pdf الكاتب يوسف القرضاوي

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة هادئة حول زواج المسيار

لم أكن أتوقع أن تحدث فتواي حول ما سمي «زواج المسيار» هذه الضجة في قطر وفي الخليج، وفي البلاد العربية عامة، فقد وجدت صداها في «المغرب» عندما زرته، منذ نحو أسبوعين أو أكثر، وهذا شأن كل أمر جديد على الناس، يختلفون فيه عامتهم وخاصتهم، حتى يستقروا على رأي موحد، أو يظل الخلاف قائمًا.

وأود أن أشير هنا إلى أن اختلاف الرأي بين علماء الأمة في فروع المسائل لا يقلق مخلصا، ولا يزعج مؤمنا، ما دام الاختلاف قائما على تعدد زوايا الرؤية، وعلى تفاوت الأدلة والاعتبارات التي يستند إليها كل فريق، وليس مبنيا على اتباع هوى النفس أو أهواء الغير، فإن اتباع الأهواء يغبش الرؤية ويضل عن الحق: {وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ} [القصص: 50]. وقد قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ18 إِنَّهُمۡ لَن يُغۡنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ٔٗاۚ وَإِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۖ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} [الجاثية: 18، 19].

فالآراء المؤسسة على الهوى هي التي تزعج المؤمنين الصادقين، وكذلك الآراء التي تصدر ممن سماهم الرسول الكريم: «رءوسا جهالا، إذا سئلوا أفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا»([1]).

أما الاختلاف فيما وراء ذلك، فهو ضرورة ورحمة وسعة، كما بينت ذلك بأدلته وأمثلته مفصلا في كتابي «الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم».

وسيظل الناس يختلفون في كثير من القضايا المستجدة –كما اختلفوا في كثير من القضايا القديمة-ما بين مانع ومجيز، وما بين مضيق وموسع، ولهذا اختلف الأئمة الأربعة بين بعضهم وبعض، وخالفهم أصحابهم في كثير من المسائل، واختلف اتباع كل مذهب بعد ذلك في تصحيح الأقوال والروايات والوجوه، أو تضعيفها، أو ترجيح بعضها على بعض....

هذا الكتاب من تأليف يوسف القرضاوي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها