تحميل كتاب مسامير pdf الكاتب إبراهيم أوحسين

... واستمر العالم إذن في سيره السّريع نحو غاية لا ندري معالمها وملامحها، فإذا بموقع اسمه (  فيسبوك/ Facebook  ) يأتينا على غرّة من الغرب الأمريكي، فيمنح لكلّ منّا جداراً على حاسوبه أو هاتفه، يثبّت عليه ب"مسامير" إلكترونيّة كلّ ما يختلج في صدره وما يتفصّدُ به ذهنه، معبّراً عن حاله، كاشفاً للجميع ضميره. إن الأمر في رُمّته غير مَمْجوج  وغير مرفوض شكلاً ومضموناً، بل صار العكس، وبات لكلّ امرئٍ مِنبر ومِرقاةٌ يصعد عليها ليراه النّاس وليسمعوه، باثًّا عليها ما شاء، وبأيّ لغة شاء، وفي أي وقت شاء، فاتحةً _ أي المرقاة_ مِصراعي الباب أمام كلّ مَن عَدِم مطبعة تطبع أو مجلّة وصحيفة تنشر أو دار نشرٍ توزّع، دون أن يخضع هذا المكتوب أو ذاك لأدنى قراءة تحكيميّة أو يمرّ من غربال نقديّ، أو على الأقلّ أن يتلقّى توجيهات للتّصويب وملاحظات للتسديد والتّقويم؛ فبات من حقّ الناس أن يكتبوا دون مصادرة مكتوبهم من أحد، والجميعُ _ بقدرة قادر_ ناثرٌ وشاعرٌ وروائيٌّ وقاصٌّ وعالِمٌ في الفيزياء وفي علوم الفضاء، مادام كلّ واحد من هؤلاء يملك حساباً /صكّا فيسبوكيّا، وإن لم تستوِ الجملة/الفكرة السليمة في ذهنه ولسانه بعدُ، تماما كالجِراءِ إذا صَأْصَأَتْ ولم تُفَقِّحْ ! فلقد كان المرء في الزمن الغابر، كما جاء في بيان الجاحظ، يُقصِّدُ قصيدة، أو يحبّر رسالة أو خطبة، ثم يعرضها على شاعر أو علماء بالشعر والنثر، فإن رأى الأسماعَ الخبيرة أصْغَتْ له، والعيون تحْدِجُ إليه، ورأى من يطلُبُه ويستحسنه، ولم يحلّ عندهم محلّ المتروك، آنئذ يمكنه إعادة الأمر مع إضافة تصويبات من هم أخْبرُ منه،مستعينا بتوجيههم، بعد ذلك يمكنه نشر مكتوبه بين النّاس واثقا رافعا رأسه أنه شاعر أو خطيب؛ أمّا إذا وجد الأسماع عنه منصرفة، والقلوب لاهية، والعيون عنه زاهدة، نُصِحَ بالخوض في صناعة أخرى غير تلك المشتهاة ...

تحميل كتاب مسامير PDF - إبراهيم أوحسين

هذا الكتاب من تأليف إبراهيم أوحسين و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها