تحميل كتاب وداعا أيتها السماء - نسخة من إعداد سالم الدليمي pdf الكاتب حامد عبد الصمد

قبل أن أسافر إلى ألمانيا كان إسم هذا البلد مرتبطاً بذهني بأسماء وأحداث متناقضة: ألمانيا "جوته" و"ريلكه" وألمانيا "هتلر"وجورنج".. ألمانيا المحطّمة بعد الحرب، وألمانيا المعجزة الإقتصادية وإعادة البناء. ألمانيا المقسَّمة لشرق وغرب، وإعادة التوحيد بدون قطرة دماء. ألمانيا العمل والنظام وعلامة الجودة "صنع فى ألمانيا". وبالطبع أيضا المنتخب الألماني لكرة القدم الذي كان يكسب كل مباراة حتى ولو لم يلعب جيداً. ألمانيا أرض "مارتين لوثر" وأرض التحرر والمجون..

ألمانيا بلد "الفرنجة".. أقربائي... بلد الشعراء والفلاسفة والأبطال.. والبلد الذي لم يَعُد مسموحاً "له أن يكون له أبطال..

كانت الصور الوحيدة التي رأيتها عن ألمانيا عبر التليفزيون هي صور مظاهرات النازيين الجُدد في الشواع وصور إحتراق بعض بيوت اللاجئين هناك، وصورة إنهيار حائط برلين في سلام تام. وصورة أخرى تلقيتها عن ألمانيا من فيلم "النسر الأسود" الذي تطمنا منه أن أي جاهل مصري يمكنه أن يسافر إلى ألمانيا فيصير مليونيراً في غضون سنوات ويتزوج أجمل النساء..قرأتُ الكثير عن الأدب الألماني، ولكنني لم أكن أعرف شيئاً عن الظروف السياسية والآجتماعية في ألمانيا اليوم. ولكن صورة األمانيا بشكل عام كانت إبجايية في أذهاننا، فلم يكُن لهم تاربخ إستعماري في منطقتنا.. حتى "المحرقة" وهي النقطة السوداء الكبيرة في تاريخهم كانت تزُكّيهم عندنا ولا تُخزيهُم.. فعَدوّ عَدوّي هوَ صديقي وكان أول لقاء مباشر لي بالمانيا لقاء مليئاً بالخزي والمرارة. ذهبت إلى سفارة ألمانيا بالزمالك لتقديم طلب الحصول على تأشيرة، ففوجئت بحشود من الشباب تقف أمام بوابات السفارة وكأنهم يطوفون بالكعبة. ولكن السفارة كانت تسمح فقط لخمسين متقدم بالدخول من بين الآلاف المـُنتظِرة.

وكان أقل القليل ممن يدخل يحصل بالفعل على تأشيرة الدخول لـ "أرض الميعاد". وعرفت أن هؤلاء الخمسين يُعسكرون أمام السفارة منذ ليلة أمس قبل وفود الحَجيج. كان موظفوا الأمن بالسفارة يُحاولون "هش" الغوغاء بعيداً ولكن ذلك لم يأتِ بنتيجة.. ففد كان هؤلاء الشباب . يقفون أمام السفارة لأن ليس لهم وجهة أخرى، وكان من الأسهل عليهم أن يتعقبوا سراباً خيراً مِن أن يواجهوا واقعهم الأليم ..

تحميل كتاب وداعا أيتها السماء - نسخة من إعداد سالم الدليمي PDF - حامد عبد الصمد

هذا الكتاب من تأليف حامد عبد الصمد و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها