تحميل كتاب من كتاب المخلوقات الوهمية pdf الكاتب ألبرتو مانغويل

من كتاب المخلوقات الوهمية ﺗﺄﻟﻴﻒ خورخي لويس بورخيس, ألبرتو مانغويل.

يجمع كتابين: أحدهما لبورخس وهو :كتاب المخلوقات الوهمية", والآخر "ضيفاً على بورخس" وهو لألبرتو مانغويل. 

 مقدّمة نصطحبُ طفلاً للمرّة الأولى إلى حديقة حيوانات. قد يكون هذا الطفل أيّاً منّا نحن، أو، على العكس، كنّا، نحنُ، هذا الطفل ولا نستذكر. في هذه الحديقة، المرعبة، يشاهد الطفلُ حيوانات لم يسبق له أن شاهدها، يُشاهد يَغاوِرَ وعقابينَ وبياسينَ، وحتّى زرافاتٍ. يشاهد للمرّة الأولى جحافل مملكة الحيوان الجامحة، وعِوَضَ أن يجفله المشهد أو يُرعبه، يلاقي في نفسه استحساناً. يستحسنُه بحيث تغدو الزيارة إلى حديقة الحيوانات سلوىى الطفل، أو ما يتبدّى للطفل أنّها سلواه. فكيف السبيل إلى تعليل هذه الظاهرة الشائعة، والملغِزة في الوقت نفسه ؟ طبعاً يسعنا الإنكار. يسعنا الزعم بأن الأطفال إذ يُصحبون إلى حديقة الحيوانات يعانون، بمضيّ عشرين عاماً، أعراضَ العُصاب؛ والحقّ انّه ما من طفلٍ لم يأتَ له اكتشاف حديقة الحيوانات وما من بالغٍ، إذا أمعنّا النظر، لا يعاني أعراضَ العُصاب. يسعنا الجزم بأنّ الطفلَ، تعريفاً، هو مكتشفٌ، وأنّ اكتشاف الجمل ليس أغرب من اكتشاف المرآة أو الماء أو السلالم. ويسعنا الجزم بأن الطفلَ واثقٌ من أبويه اللذين يصطحبانه إلى هذا المكان الذي يعجّ بالحيوانات. إلى ذلك، فإنّ النمر القماش، والنمر الرسم في دائرة المعارف قد مهّدا له الطريق للقاء النمر دماً ولحماً من دون فزع. (لو قيض) لافلاطون (التدخّل في هذا البحث) لأنبأنا بأنّ الطفلَ قد سبقَ له أن شاهد النَمِرَ في عالم الأطياف الأسبق، وبأنّه، إذ يشاهده الآن، إنّما يتعرّف عليه استذكاراً. أمّا شوبنهاور (وهذا أدعى إلى العَجَب) فقد كان يقرّر بأن الطفل يتطلّع بلا فزع إلى النمور لأنه لا يغفل عن كونه النمورَ وأن عن كونِ النمور هو نفسه، أو، الأحرى، عن أنّ النمورَ وهو نفسه من ماهيّة واحدة: الإرادة. لننتقل الآن من حديقة حيوانات الواقع، إلى حديقة حيوانات الأساطير، حيث شعب الحيوان ليس أُسْداً بل سفنكس وعنقاء مُغرِب وسنتور. ينبغي لعديد أهلِ الحديقة الثانية هذه أن يربو على عديد الأولى، بما أن المسخَ ليس سوى مزاجٍ من عناصر كائناتٍ حقيقة وبما أنّ احتمالات فنّ المزجِ يقارب اللامتناهي. في السنتور مزيج حصان وإنسان، وفي المونتور مزيج ثور وإنسان (دانتي تخيّله بوجهٍ آدمي وجسم ثور) وعلى هذا النحو يسعنا، على ما يبدو لي، إنتاج عددٍ لامتناهٍ من المسوخ، وأمزجة السمك والطير والزواحف، لا يحدّ مسعانا إلاّ السأم أو التقزّز. ومع ذلك فإنّ هذا لا يحدث؛ فالمسوخ التي قد نولّدها تولدُ ميتة بنعمى الله. لقد جمع فلوبير في الصفحات الأخيرة من »الإغواء«، كلّ المسوخ القروسطيّة والكلاسيكيّة، وحاول، كما ينبئنا شارحوه، أن يخلق منها؛ إنّ العدد الإجمالي ليس كبيراً، وقليلٌ جداً يؤثّر في مخيلة الناس. ومن يقرأ ثَبْتَنا لا بد أن يلاحظ بأنّ علم حيوان الوهم أقلّ غنىً ووفرةً من علم حيوان الربّ. نحن نجهل معنى التنين، كما نجهل معنى الكون، ولكن في صورته ما يتلاءم ومخيّلة البشر، ولهذا يظهر التنين في عصورٍ وفي أماكن مختلفة. وقد نقول إنّه مسخٌ ضروري، وليس مسخاً عابر الوجود ولا جدوى منه، وكذلك الخَيْمَر أو الغول. ثمّ أننا لا نزعم بأن هذا الكتاب، وهو ربّما كان الأوّل في نوعه، يشتمل على العدد الكامل للحيوانات الخرافية. لقد أجرينا بحوثاً في متون الآداب الكلاسيكية والشرقيّة، غير أننا نعلم يقيناً أن الموضوع الذي نحن بصدده هو موضوع لامتناه. عمداً نستبعد من هذا الثبت الخرافات التي تعالج تحوّلات الكائن البشريّ: كالمتذئّب(١)، والغول الذئبيّ وسواهما. نودّ أن نشكر لإسهامهم كلاّ من ليونور غيريرو دي كوبولا، وألبرتو دابرسا ورافاييل لوبيث بيليغري. 

هذا الكتاب من تأليف ألبرتو مانغويل و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها