تحميل كتاب مرسَى فاطمة pdf

ملاحظة: مصدر الكتاب
تم جلب هذا الكتاب من موقع archive.org، وهو منشور بموجب ترخيص المشاع الإبداعي أو بإذن صريح من المؤلف أو دار النشر. في حال وجود اعتراض على النشر، يرجى التواصل معنا.

مرسَى فاطمة

تحميل كتاب مرسَى فاطمة pdf الكاتب حجي جابر

كانتْ لحظة مربكة أن يكون خلاصنا حين نعطي ظهورنا للوطن، حين نهرب منه بكل ما نملك من خوف وأمل وشكّ ويقين.
تذكرتُ مقولة كداني حين تملكه اليأس ذات مرة:
" الوطن كذبة بيضاء يروّجُ لها البعض دون شعور بالذنب، ويتلقفها آخرون دون شعور بالخديعة".
اقترب السودان أكثر، فبدأتْ إرتريا في الابتعاد. أنانيّة هي الأوطان، لا يأتي وطن إلا حين يغادر الآخر.
أجزم أن هؤلاء الذين يركضون إلى جواري، وبقدر رغبتهم في الإفلات من الوطن يشعرون بالألم. بقدر حرصهم على الحياة خارجه، يفزعهم أن يموت يوماً بداخلهم، أو يتسرب بهدوء من بين ضلوعهم قبل أن يتمكنوا من دسّه في آخر مخابئ الروح.
أجزم أن هؤلاء يغادرون إرتريا والخيبة معلّقة بجباههم كأجراس كنائس الأحد، لا تكاد تهدأ، حتى تُعلن عن نفسها من جديد.
أجزم أن الوطن الذي ضاق بناسه إلى هذا الحد، صار وسيعاً جداً بالأوجاع.
أجزم أنهم وفي هذا الوقت بالذات، يملأهم القلق في أن يعبروا إلى السودان بذاكرة متخمة بأيام الصبا في الشوارع الخلفية، وقهوة الجدّات في المساءات المكتظة بالحكايات. أجزم أنهم يخافون ذاكرتهم أكثر من أي شيء آخر، يخافون منها وعليها، بعد أن أصبحتْ آخر خط دفاع في معركة غير متكافئة.
كنا نركض بكل قوتنا، نتفادى شجيرات "المرخ" التي يُكثر القرويون من زراعتها كغذاء لمواشيهم، ومصدات أمام زحف الرمال على قراهم. خطر لي أننا أحوج ما نكون إلى أشجار مرخ أخرى توقف زحفنا خارج الوطن، وتعمل كمصدات تقي أحلامنا وأمانينا وحتى ذاكرتنا من الضياع.

هذا الكتاب من تأليف حجي جابر و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها

الملكية الفكرية محفوظة لمؤلف الكتاب المذكور.
في حالة وجود مشكلة بالكتاب الرجاء الإبلاغ من خلال أحد الروابط التالية:
بلّغ عن الكتاب أو من خلال التواصل معنا


حقوق الكتب المنشورة عبر مكتبة فولة بوك محفوظة للمؤلفين ودور النشر
لا يتم نشر أي كتاب دون موافقة صريحة من المؤلف أو الجهة المالكة للحقوق
إذا تم نشر كتابك دون علمك أو بدون إذنك، يرجى الإبلاغ لإيقاف عرض الكتاب
بمراسلتنا مباشرة من هنــــــا