تحميل كتاب مجلة وطني - العدد 11 pdf الكاتب مجلة وطني

المجتمع بكل مفرداته و مفاصله منظومة من المؤسسات الفكرية و السلوكية المؤثرة منها ما هو موجه و منها ما هو اعتباطي هذه المؤسسات بنوعيها الموجه و الاعتباطي متباينة و متنوعة في أفكارها و أهدافها و آلياتها بيد أنها في مجموعها تستهدف الإنسان بوجه عام و الشباب بوجه خاص بوصفه قيمة مهمة و عنصر مؤثر في حركة المجتمع و تحولاته فكل واحدة من هذه المؤسسات لها فلسفتها الخاصة في الحياة ،كما لها ثقافتها و أفكارها و أهدافها المرسومة على وفق فلسفتها ،و من ثم فهي تسعى بكل إمكاناتها و آلياتها للتأثير في عقول الشباب و توجيه سلوكياتهم بما يتوافق مع أفكارها و يحقق أهدافها و هنا تكمن الإشكالية و الخطورة .

فالمجتمع بكل مؤسساته و آلياته ما هو إلا مدارس فكرية و تربوية و ثقافية تسهم بل ينبغي أن تسهم في إحداث تنمية شاملة و مستدامة من خلال الإنسان و الشباب على وجه الخصوص في ضوء استراتيجيات واضحة و أهداف مدروسة ترتكز على منظومة من القيم الوطنية و الاجتماعية و الدينية لترسيخ مبادئ الولاء و الحرية و الاعتدال والتعايش وقبول الاخر.

لكن ما نراه اليوم و نلمسه على أرض الواقع أن كثيراً من هذه المؤسسات تجاوزت الثوابت و تشربت بفلسفات و أيديولوجيات فيروسية دخيلة و غريبة على مجتمعنا و عاداتنا وقيمنا و معتقداتنا الدينية السمحة فأخذت تطفو على السطح فلسفات و أفكار غريبة وبمسميات كثيرة تستهدف الشباب لزعزعة و تشويه قيمهم و ثوابتهم ، و هذا مكمن الخطورة. فما نراه اليوم على امتداد الأرض العربية و الإسلامية من ممارسات إرهابية و ثقافات هدامة لا تخدم إلا أعداء العروبة و الإسلام و تنفذ من خلال طابور من الشباب الغض الذين تسربت إلى عقولهم هذه الأفكار الفيروسية و استطاعت في غياب الرقيب أن تحكم السيطرة على عقولهم و تؤثر في طبيعة أفكارهم و توجه سلوكياتهم . ما يحدث اليوم ما هو إلا نتيجة واقعية للخلل المفصلي الذي أصاب هذه المؤسسات و تنصلها عن مسؤولياتها الإنسانية و الوطنية و التربوية . فشبابنا اليوم أصبحوا معرضين للابتزاز الفكري و الثقافي و العاطفي من خلال مؤسسات مقنَّعة تستهدفهم استهدافاً منظماً عبر أطوار نموهم العقلي و تسرِّب إليهم فلسفاتها و أفكارها من خلال نوافذ ثقافية و آليات معرفية و وجدانية متعددة يصطدم بها الشاب بقصد أو بغير قصد منذ نعومة أظافره .

الحقيقة أن ما يعاني منه الشباب اليوم هو افتقادهم للأمان المعرفي و الثقافي فكثير من النوافذ الثقافية و المعرفية أصبحت اليوم مشوهة و محملة بأفكار غريبة و خطيرة لاسيما على الشباب فالأسرة أصبحت اليوم غير قادرة وحدها على توفير المكافحات الفيروسية لأبنائها و حمايتهم من الثقافات المشوهة ، ومن ثم كثيراً ما تفقد سيطرتها فثقافة الأسرة و قيمها تصطدم بثقافات مضادة سواءً في الشارع أو النوادي أو منصات التواصل الاجتماعي أو بعض القنوات الفضائية و البرامج التلفزيونية الموجهة أو من خلال تلك الكتب المشبوهة و الصحافات المريضة و أصبح الشاب ما بين البيت و المدرسة يعاني رياح الثقافة الملوثة و الأفكار الموجهة القادمة من نوافذ التعاطي الفكري و الثقافي الواقعة تحت سيطرة مؤسسات التلوث الفكري والثقافي المقنَّعة و هنا يأتي الدور الحيوي و المفصلي ، للمؤسسات التربوية و الجامعات في تقويم السلوك و فلترة الأفكار و إعادة تشكيل عقول الشباب و توجيههم لخدمة أمتهم على وفق أهدافها المرسومة و مسؤولياتها التربوية و الفكرية كمؤسسات تربوية وأكاديمية فالطالب يصل إلى الجامعة بعد رحلة طويلة من التزود العلمي و الثقافي محملاً بثقافات و أفكار متنوعة و غير مفحوصة و لا بد للجامعات أن تعي هذه الإشكالية و تتحمل مسؤولية معالجتها لا بد أن تدرك أنها ليست مجرد بنوك لصرف شهادات التحصيل العلمي بقدر ما هي مراكز وطنية لفلترة الأفكار و مختبرات لفحص القيم و مدارس سلوكية و تربوية لبناء شباب متسلح بقيم الوطنية و الولاء و الحرية و الاعتدال بقدر ما هو متسلح بالعلم و المعرفة .

مجلة وطني هي مجلة ثقافية - تصدر كل شهرين مؤقتاً صادرة عن التجمع الشعبي العربي.

‏‏مجلة وطني - العدد 11 مايو/ يونيو 2022م

تحميل كتاب مجلة وطني - العدد 11 PDF - مجلة وطني

هذا الكتاب من تأليف مجلة وطني و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها