تحميل كتاب شواهد النحيب pdf الكاتب محمد حيدار

إلى جانب ما احتوت عليه من قصائد غزلية يمكن إدراج هذه المجموعة الشعرية ضمن الغرض الشعري المعروف بالهجاء السياسي، كما غلب على كلمة التقديم الموالية، التي وردت في الغلاف الثاني من الكتاب المطبوع، وهي:

الهجاء السياسي غرض من أغراض الشعر العربي قديمه وحديثه اشتهر به مجموعة من الشعراء إلى أن صاروا معارضين أو ممثلي معارضة، من هؤلاء شعراء ما عُرف بالفرق [الكميت* الطرماح* عمران...إلخ]

ويكاد دارس الهجاء السياسي في تراثنا يشتم رائحة ما، في «التخريجات» التي أوصلت هذا النوع من الشعر إلينا من قبل مؤرخي الأدب [طرفة / عمرو بن هند * امرؤ القيس قيصر * النابغة النعمان بن المنذر * هذا الأخير / عبيد بن الأبرص وعدي بن زيد ...] فهل أسباب إعدام ونكبات هؤلاء الشعراء وغيرهم هي فعلا التي نقرأها؟ أم هي أسباب سياسية خارج التغزل بسيدات البلاط والتشبيب بهن ثم أيام النحوس؟ وهل أن رواية شعر الهجاء السياسي لم تكن محظورة في القديم شأنها شأن ما كان يمس بساسة الشأن العام؟ هذه أسئلة بريئة.

على أي حال، ظل هذا النوع من الشعر لا يخلو منه أدبنا العربي إلى أن حملته القصيدة الجديدة غير العروضية، فوجد فيها متنفسا للقول متحررا من حيث الشكل والحجم ولاسيما من حيث المضمون، إذ صار يطرق ما هو أبعد من ناظريه ومحيطه الضيق.

وفي أيامنا القليلة الماضية شكلت وفاة الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب[ أخر أصوات الهجاء السياسي القوية شكلت مناسبة لاحتدام الحجاج عن مدى علاقة هذا الغرض الشعري بعصرنا، أي عن مدى أهميته في راهننا وحاجتنا إليه، وما إذا كانت ساحة الأدب ماتزال تتسع لهذا الغرض، فتصدى بعض «المتفائلين جدا للتقليل من شأنه مبتهجين بانفتاح الحياة السياسية العربية على الديمقراطية، حيث وجدت هذه الأخيرة العوض والبديل عن هذا الغرض متمثلا في وسائط الاتصال الحديثة بشتى أنواعها، لأنها أعطت الكلمة للجميع، بدل اقتصارها على شعراء الهجاء على قلتهم.

وبما أننا أقل حماسة وابتهاجا وانبهارا من هؤلاء، جاء ديواننا هذا مستندا - في احترازه حتى لا نقول تشاؤمه - إلى كثير من التعلات، منها أن معظم قصائده كانت قد قيلت في أزمنة سبقت "الديمقراطية العربية" التي يشيد بها هذا النفر من الدارسين، ومنها أن قضايانا ليست قطرية [بضم القاف] بشكل يسمح لنا بقياس ترمومتر الحرية في هذا البلد أو ذلك، فديوان «شواهد النحيب» يؤرخ لوقائع حدثت أدت إلى انهيار دول أو تكاد، وما هو بخط رمل موغل في التوهم، فهذه "النفحات الشعرية"، كانت تجيش بها النفس كاستراحات تأتي بصورة عفوية بين نصوصي السردية «المطبوع منها والمخطوط» ثم إن بهذه المجموعة من الأشعار ما لا ينطوي تحت عنوان المقول السياسي وحده، بل منها ما كان القلب وراء ضخه ربما محاولة منه لإرباك هذا المقول الصلب وكأنه يقول لنا: إن رؤيا الفكر مهما استفحلت لا تحجب رؤيا الوجدان، مادام الأمر يتعلق بالشعر.

#الشاعر محمد حيدار

تحميل كتاب شواهد النحيب PDF - محمد حيدار

هذا الكتاب من تأليف محمد حيدار و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها