تحميل كتاب ديناميات التراث المادي واللامادي بالواحة المغربية: مقاربات متقاطعة pdf

تحميل كتاب ديناميات التراث المادي واللامادي بالواحة المغربية: مقاربات متقاطعة pdf الكاتب مجموعة من المؤلفين

يعد التراث عامة من الموارد الثقافية للمجتمعات الإنسانية باعتباره منظومة رمزية تجسد للوجود وللهوية الفردية والجماعية، وتؤصل لثوابت الذاكرة الجماعية، سواء تعلق الأمر بأمة أو بشعب أو بجماعة محلية. فمن دون موروث ثقافي لا يمكن حفظ الهوية، بالرغم من أنه يمكن الحديث عن تعدد الهويات والثقافات خاصة أثناء التعامل مع الآخر المختلف في مقابل الأنا. أما الحديث عن الموروث الثقافي يضعنا في إطار كل ما أنتجه الإنسان في علاقته مع المجال وبيئته الاجتماعية، من أعراف وعادات وتقاليد وقوانين وطقوس وتعبيرات رمزية مختلفة كالاحتفالات وأشكال التواصل الفني، وقد يمتد ذلك إلى نمط العيش وأسلوب الحياة وطريقة اللباس ونوعه وطرق الأكل وغيرها من الإبداعات والإنتاجات التي صنعها الإنسان.

ويحظى الموروث المادي واللامادي بقيمة اعتبارية رفيعة بالواحات المغربية، لأنه يرسخ للهوية الجماعية التي تتأسس على المشترك بالضرورة، وباعتباره الخيط الناظم لكل العلاقات والتفاعلات الاجتماعية بين الأفراد. لذلك أصبح هذا الموروث محل جذب واهتمام من قبل الباحثين والدارسين العرب والأجانب من جهة بدافع فضول البحث والتأصيل، ومن جهة أخرى بدافع التحكم والسيطرة من قبل الغرب من خلال الترويج لمجموعة من المفاهيم كالتلاقح والتثاقف والمثاقفة والتناسج الثقافي، في إطار الكونية الثقافية التي يفرضها التفاعل بين الشعوب والأمم. غير أن الأمر يتخذ أشكالا أخرى من قبيل تبخيس ثقافة الآخر ووصفها بالعقيمة والجامدة غير القابلة للتطور في مقابل الترويج للثقافة الغربية وتعزيز مركزيتها، وبذلك نكون أمام ثقافة المركز وثقافة الهامش، والثقافة الشعبية والثقافة الرفيعة، وثقافة الإبداع، وثقافة الجمود.

ومن بين الأعمال الخالدة التراثية تلك التي تنصب في صلب الانشغال اليومي للإنسان المحلي، حيث تلامس همومه وممارسته في بيئته المحلية بما يتوافق مع التراث العالمي في إطار الحوار والتفاعل الدائم في تجنب تام لكل أشكال الإقصاء والتهميش. وتراثنا المغربي عريق بدلالاته ورموزه التي تعبر عنها الأنماط والأنواع الثقافية، سواء تعلق الأمر بالمادي وغير المادي. فالموقع الجغرافي وطريقة العيش وأنواع الأنشطة والممارسات وغيرها من الخصوصيات قادرة بأن تخلق نمطا معينا من البشر بتفكير خاص ورؤى نوعية تهم جماعة اجتماعية معينة تختلف عن أخرى بمميزات خاصة. إن الحديث عن جمالية البنيات الثقافية والفنية في تراث الواحات المغربية، على اختلاف أشكالها وتلويناتها ومرجعياتها، يضعنا بداية أمام حقيقة وفعالية هذا التراث ومكوناته وأبعاده الاجتماعية وكيفية التعامل معه من حيث المنهج والطريقة والأسلوب لإخضاعه للقراءة والتحليل والتفسير والتأويل. ومن دون شك أن المغرب يتمتع بتعدد ثقافي وفني عريق، يختلف من واحة إلى أخرى بتعبيراته وأشكاله وأنواعه حسب اللغة واللهجة ونمط العيش، ومدى البعد أو القرب من المدينة، وحتى من داخل الواحة نفسها وغيرها من المحددات الجغرافية والاقتصادية والثقافية.

التراث الثقافي كنص من النصوص، بما يتضمنه من تعبيرات مختلفة، يمتلك قوة التأثير وسلطة الإلزام، لأنه ينساب ويتوزع وفق أنساق ثقافية لها أبعادها وخلفياتها وامتداداتها المتجذرة في التاريخ، فهو يختزل كل معالم التعبير الفني والجمالي إما عن طريق الكلمة أو العلامة أو الرمز، من خلال خطاب واضح المعالم مؤسس على قواعد وأصول متعارف عليها بين أفراد الجماعة الاجتماعية وهي أسس جامعة لا يجب الخروج عليها. فاللحمة وكل أشكال التضامن والحافظية والمحافظة نابعة من عمق هذا التراث، ومن مدى قدرته على بناء حصن مانع ضد الانقسام والتفرقة.

__ دكتورة عزيزة خرازي - تخصص علم الاجتماع جامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال

تنسيق:
د. الصديق الصادقي العماري
د. عبد الفتاح الزهيدي
دة. عزيزة خرازي 

منشورات: مجلة وادي درعة، سلسلة كتب جماعية، رقم 01.

تحميل كتاب ديناميات التراث المادي واللامادي بالواحة المغربية: مقاربات متقاطعة PDF - مجموعة من المؤلفين

هذا الكتاب من تأليف مجموعة من المؤلفين و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها