تحميل كتاب حياة الروح pdf الكاتب د. يحيى أحمد المرهبي

حب التطلع إلى المعرفة سمة من سمات الإنسان، فهو يهفو إلى معرفة كل مجهول، ويسعى ـ بكل ما أوتي من قوة ـ للكشف عن كل محجوب، إن حب الفضول عند الإنسان طبع وسجية، فقد غرس الله فيه ذلك وهو بين يديه، في أول اتصال لهذا الإنسان بالحياة، بعد أن نفخ الله فيه من روحه، وقد أراد الله لهذا الإنسان ذلك التطلع والشوق للمعرفة، ومكنه منه، ووجهه ربه عند عرضه على الملائكة، بعد أن جعله صاحب علم، فقال تعالى: (وعلَّم آدم الأسماء كلها)، وحثه على طلب الزيادة والاستزادة من العلم، فقال تعالى: (وقل رب زدني علما).

وأمام هذا العطاء الإلهي الذي منحه الله للإنسان (الروح والعلم)، تطلع الإنسان إلى معرفة كل شيء، ومن ذلك تطلعه إلى معرفة كنه الروح التي نفخت فيه، تلك الهِبة والمنحة الإلهية، ولكن أنى له ذلك؟ وقد قال له ربه عندما تساءل عن ماهية هذه الروح: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)، فقد استأثر الله بعلم ماهية هذه الروح وكنهها، ووجه الإنسان بدلا عن ذلك إلى طلب المدد من ربه لترقيتها والسمو بها إلى باريها جل جلاله.

ولأن الله كان أرحم بهذا الإنسان من نفسه، فقد حثه على التوجه إلى سبل إحياء هذه الروح، والبحث عما يسمو بها، بدلا من تضييع الجهد في التعرف على كنهها وماهيتها، لأن هذا الأمر لا طائل من ورائه، وهو مما اختص الله به نفسه، والبحث فيه لن يوصل الإنسان إلى بر الأمان، فكان الأولى والأسلم للإنسان أن يبحث عن طرق ووسائل تغذية الروح ومصادرها ليرتوي منها، وعند ذلك يكون قد سلك طريق السلامة والنجاح.

ولأن الروح ربانية المصدر، (ونفخت فيه من روحي)، فإن غذاءها يكون من مصدرها، ومصدرها القريب كتاب ربها، (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا)، فحياة الروح مرتبطة بروح الحياة (القرآن الكريم)، فالروح هِبة الله والقرآن كلام الله، ولا حياة لهذه المنحة الإلهية حياة كاملة، إلا بأن ترتوي من كلام الله، حياة الروح وروح الحياة.

       يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته                               أتعبت نفسك فيما فيه خسران

      أقبل على (الروح) واستكمل فضائلها                         فأنت (بالروح) لا بالجسم إنسان
 

وهذا الكتاب على صغر حجمه، يناقش موضوع الروح، لا من حيث ماهيتها وكنهها، ولكن من ناحية حياتها وسموها، ويحاول أن يغوص في ثنايا كلام الله سبحانه وتعالى، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم، ليقبس بعضا من الدرر التي تضيء لهذه الروح طريقها، كي تعاود العروج مرة أخرى إلى باريها، كما يحاول هذا الكتاب أن يتطرق إلى بعض الوسائل المعينة للإنسان، التي من خلالها يستطيع أن يضع قدميه على سلم الرقي الروحي، كي يتخلص ـ ما استطاع إلى ذلك سبيلا ـ من ثقل طينته، التي تعمل على إبقائه ملتصقا بالأرض الطينية، بينما هو يعشق التحليق عاليا، بجناحي الحب والشوق، ليعود إلى مسكنه الأول الذي اُهبط منه. أتمنى أن يكون ما تضمنه هذا الكتاب هو ما أراده الشاعر حين قال: 

                        حديث الروح للأرواح يسري                     فتدركه القلوب بلا عناء. 

كما أتمنى أن يجد القارئ العزيز بغيته بين ثنايا هذه الصفحات، وأن يزجي لصاحبه بعض الدعوات، والله الموفق والهادي إلى سبل السلام.

تحميل كتاب حياة الروح PDF - د. يحيى أحمد المرهبي

هذا الكتاب من تأليف د. يحيى أحمد المرهبي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها