تحميل كتاب التعصب الطائفي مقاربة في التشخيص والعلاج pdf الكاتب د. يحيى أحمد المرهبي

بين يدي كتابي (التعصب الطائفي مقاربة في التشخيص والعلاج).

أدرك، - وتدرك عزيزي القارئ - أن التعصب عملية انتحارية مكتملة الأركان، قد تودي بالمتعصب أو بمن يتعصب لهم أو من يتعصب ضدهم، أو بهم جميعا، فنهاية التعصب كارثية على جميع الأطراف وعلى كل المستويات، ولأن لدى الإنسان نزوع نحو التعصب، فإنه يعتبر بيئة مثالية وخصبة لمن يضعون في تربته بذور التعصب، التي سرعان ما تثمر وتتجذر وتتعملق، ويصبح اجتثاثها صعبا إن لم يكن مستحيلا. 

ولا أخفيك عزيزي القارئ سرا إن قلت لك أننا نعيش عصر التعصب والتطرف والعنصرية بامتياز، ورغم قلة المتعصبين والمتطرفين والعنصريين مقارنة بمن يعيشون على ظهر هذه البسيطة (الأرض)، إلا أن صوتهم أعلى الأصوات، وسوطهم أوجع سوط على ظهر الأمة، فهم الذين يديرون الصراعات، ويمولون الحروب، ويتحكمون بخيوط اللعبة سياسيا وعسكريا واقتصاديا، يعيشون في بحر الأزمات والصراعات، ويتنفسون أكسجين الحقد والكراهية، مثلهم كمثل السمكة لا حياة لها إلا في الماء فإذا خرجت من الماء ماتت، وهؤلاء المتعصبون يموتون ويتلاشون ويذوبون عندما يعم السلام وتنتشر الطمأنينة. 

ما تجده -أخي القارئ الكريم - في هذه الورقة العلمية، هو ثمرة بحث تقدمت به لموقع (حكمة يمانية) الرائد، مساهمة مني في رفع الوعي وتسليط الضوء على مرض عضال تغلغل في جسد الأمة الإسلامية، وأصابها بالشلل التام، بل يكاد أن يفجرها من داخلها، وقد حاولت جهدي وبذلت طاقتي في تشخيص هذا الداء، وحاولت الدخول اليه من عدة مداخل (نفسية، وتربوية، واجتماعية)، كما حاولت أن أسهم ولو باليسير من المقاربات لفكفكة بنية هذا المرض العضال، ومن ثم تقديم بعض المقاربات للحل والعلاج. 

وحتى لا يطول التقديم لهذه الورقة العلمية، يمكنني القول، إننا أمام معضلة شديدة التعقيد والتشابك، وكل طرف فيها يعتقد أن الطرف الآخر هو المتعصب والمتطرف والعنصري، وأنه هو من يمثل الوسطية الإسلامية والإنسانية، وهذا ما جعل البون شاسعا في أي تقارب قد يخفف من غلواء هذا المرض الجاثم على صدر أمة الإسلام، والعجيب أنك -عزيزي القارئ- ستجد من هم مخلصون لتعصبهم ويظنون أنهم يتقربون به إلى ربهم، وهناك تجار حروب يتكسبون من بقاء التعصب وانتشاره، وهناك من يصبون الزيت على نيران التعصب ليزيدوها اشتعالا، وهناك من يتفرج على هذا و ذاك، دون أن يدرك أن نيران التعصب ستطاله إن لم يكن اليوم فغدا، وهناك فئة قليلة تراقب المشهد بحذر شديد، وتحاول أن ترفع من مستوى الوعي بخطورة هذا المرض، ولكن صوتها ضعيف، وتأثيرها محدود، بل إن مما يؤسف له في عصرنا الحاضر هو أنك ستجد أن سوق العنصرية قائم على قدم وساق، والتجنيد له رائج على كل الأصعدة، والاستقطاب له من جميع الأطراف لكسب أعضاء جدد (لنادي العصبية والعنصرية والتطرف) لا يتوقف . 

أخيرا، قد تتساءل أخي القارئ ما الحل، وما المخرج من هذا النفق المظلم؟ وللإجابة على هذا السؤال دعني أخبرك أني قد وضعت في آخر هذه الورقة العلمية بعض المقاربات للحل، وبعض المعالجات لهذه المعضلة، وهي ليست حلا سحريا بالطبع، ولكنها جهد المقل، ومع ذلك يمكنني أن أقول وأؤكد لك أن الحل والعلاج ليس بيد المتعصبين والعنصريين والمتطرفين، بل هو بيد عموم الأمة التي عافاها الله من هذا البلاء، وعلى الأصحاء من مرض التعصب في هذه الأمة أن يتحملوا مسؤوليتهم أمام القلة المتعصبة ليوقفوها عند حدها من جانب، ويخرجوها إلى بر السلام والأخوة الإنسانية من جانب آخر، والإ فإن هذه القلة المتعصبة لن تتوقف عن التدمير الذي سيأتي على الأخضر واليابس، وقد شهدنا ذلك في واقعنا، سواء من بني جلدتنا وديننا، أم من أعدائنا الذين نرى جرائمهم صباح مساء على شاشات الفضائيات، دون أن يردعهم رادع. 

الورقة العلمية تحتاج إلى إثراء ونقد وتقديم رؤى ناضجة تصب في شرايين وعي الأمة حتى يعود المتعصب المريض إلى رشده، ويقوم المعتدل الصحيح على أمره. والله من وراء القصد.

تحميل كتاب التعصب الطائفي مقاربة في التشخيص والعلاج PDF - د. يحيى أحمد المرهبي

هذا الكتاب من تأليف د. يحيى أحمد المرهبي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها