تحميل كتاب فن الشعر pdf الكاتب هوارس
تقديم : عامر صباح المرزوك. يعد (هوراس 65ـ8 ق.م) من أعظم الشعراء اللاتينيين ، وكان صديقاً لفرجيل الـــــــذي قدمــــه إلى مايكنـــاس في عصــر أغسطس الذي عرف باهتمامــه بتشــجيع الأدب ، ولهوراس عدة مؤلفات ، لعل أول كتبه كان في الهجاء ، ثم اتبعها بكتب أخرى ، لكن أشهرها رسالة آل بيزو المعروفة بـ(فن الشعر) عام 14 ق.م ، وبفضله أصبح هوراس من أشهر أدباء عصره . افتتـــــــــــح (هـــــــــوراس) حديثه في (فن الشـــــعر) عن الرسم وكيفية الاشتغال على تركيب الصور (رأس ادمي ـ عنق جواد) ، أو يتبنى مخلوقاً نصفه الأعلى امرأة باهرة الجمال ينتهي أسفله بذيل سمكة بشعة سوداء ، وأراد من حديثه هذا ـ وهو ينصح أسرة آل بيزو ـ أن للرسام أو الشاعر حرية الابتكار ، على أن يكون الانسجام المحور الأساسي في الإبداع . ولابد للفن أن يكون هو الرائد للمنجز الحقيقي ، فعندما يتخلى من تكامليته ، فيرجع المرء إلى الموضوع وهنا ـ يكون الموضوع تحت قابلية المبدع ـ لا يستطيع القول كل شيء ، بل عليه ان يختار بدقة ، وتأجيل الكثير إلى ان يأتي حينه . وعلى كل جيل أن يسك من الألفاظ ما طبعته روح العصر ، كما تغير الأشجار أوراقها كل عام ، مانبت منها قبل غيره سقط ، كذلك الحال ، كلما كانت الألفاظ جديدة ستكون مزدهرة .
وان يكون الشاعر على معرفة بخصائص ونبرات كل لون من ألوان الإنتاج ، وان يعي موضوعه ، إذ كان كوميديا لا تمكن كتابته في شعر تراجيدي ، وذلك لصلاحيتها لنقل الحوار ، وإمكان سماعها بين جمهور من النظارة عالي الضجيج ، فلكل مقام مقال . وينبغي على القصائد ان تكون لها سحر ، فالطبيعة من المبدأ قد صاغت أرواحنا بحيث تهتز للمؤثرات الخارجية ، تفرحنا أو توقظ فينا شعور الغضب ، ثم تفصح لنا واللسان في هذا ترجمانها ، عن مشاعر القلب ، وهناك فرق بين ان يكون المتكلم ألها أو نصف اله ، رجلا مكتمل النضوج أو فتى في ريق الشباب ، تاجرا جائلا أو حارث حقل يانع ، ومن العسير معالجة موضوع مطروق مسبقا ، وان كانت جديدة ، لابد ان تظل إلى النهاية مبتكرة ولتحتفظ بوحدتها .
وأعطى هوراس عدة ملاحظات فيما يخص تنظيراته للدراما : إما أن تجري حوادث الدراما فوق المسرح واما أن تروي نبأ وقوعها ، من المفروض الا تدفع إلى خشبة المسرح ما هو خليق بأن يجري وراء الكواليس على الممثل ان يروي أموراً شتى : فلا تدع ميديا تذبح بنيها أمام النظارة ، أو اتريوس يطهي اللحم الآدمي ، أو بروكنيه تستحيل إلى طائر ، أو كادموس إلى أفعى ، فلا يعقل ما هو خارج التصور على المسرحية التي يلح الجمهور في طلبها فيعاد تمثيلها الا تتجاوز أو تقل عن خمسة فصول إن لا يتدخل في سياق الدراما اله ألا إذا كانت هناك عقدة تستدعي تدخله يلزم الا يشترك ممثل رابع في الحوار ، وليقيم الكورس في رجولة بدور الممثل ووظيفته على الممثل ان لا يغني بين الفصول غير ما يخدم غرض المسرحية ويناسب مقامه تماما لا يليق بالتراجيديا ان تهضب بالشعر السوقي . ومراعاة السلوك والشخصية وتوافقها مع الطبيعة ، ولابد للفنان ان يكون مثقفا ، والتفكير الحكيم هو أساس الكتابة القديمة وينبوعها ، وهنا يضرب (هوراس) مثل بأخلاقيات سقراط .
ووظيفة الشعر ، أما الإفادة ، أو الإمتاع ، أو إثارة اللذة ، وعندما يريد الشاعر الإفادة لابد له ان يوجز ، حتى تستقبل أذهان الناس الأقوال في سرعة ويسر ، ثم تعيها في أمانة ، فكل الذي يزاد عن الحاجة يسيل على جوانب العقل الطافح . والقصيدة شأنها شأن الصورة ، واحدة تعجبك لو وقفت بالقرب منها ، وأخرى تأخذك لو وقفت بعيدا عنها ، فلابد للتأمل ، حيث ان لكل عمل زاوية للنظر إليه . ويتساءل (هوراس) هل القصيدة الناجحة نتاج الطبيعة أم الفن ؟ والجواب هنا ، لابد ان تكون موهبة وافرة من الفطرة ، فمن كان مطمعه بلوغ الهدف المنشود ، فقد عانى الكثير في صباه ، وارتعد وتصبب عرقه ، وحرم نفسه من الحب والخمر ، وليس من اليسر ان يقال : أني اكتب قصائد رائعة ، فلتفتك الطواعين بالمتخلفين ، عار عليّ ان أتخلف في السباق ، وان اعترف باني اجهل جهلا مطبقا فنا لم أتعلمه . وعلى الشاعر ان يطور في صياغة الأشعار ، ويعترف بأخطائه ويصلحها ، والمعلم لابد له يصحح عمل تلميذه ، وينشده نحو الصحيح ، ولا قول أريد اصدمه من اجل التوافه ، فهذه التوافه ستؤدي إلى ضرر بليغ . وبهذا نجد هوراس كان يجزم في كثير من آراءه في صورة لا تقبل الجدل ، ولا يدع إي مجال لأي لون من الابتكار أو التجديد ، إلا في الصيغ الكلامية ، ولعل هذا ما جعل المسرحية الرومانية لم تصل إلى عظمة المسرحيات الإغريقية.
هذا الكتاب من تأليف هوارس و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها