تحميل كتاب زائر الفجر pdf الكاتب نوبار دومبادزه

عند الصباح يتلون الشفق بلون ذهبي، والشمس تتهادى مختالة في صعودها نحو كبد السماء. وعند الغروب يتلون باللون القرمزي، فيبدو وكأن الشمس حزينة لوداعها من كانت تشرق عليهم. كنت مستلقياً على العشب الأخضر في فناء المنزل، أراقب غروب الشمس حين غط سرب من عصفور الشوك على السياج المحيط بالحديقة غير آبه لوجودي، أخذ يغرد، أو قل يزغرد، وكأنه جوقة نسائية في عرس قروي. سمعت عمتي زغردة العصافير فخرجت من المنزل على رؤوس أصابعها، وجلست على حافة السطيحة حاضنة ركبتيها بيديها وعيناها شاردتان في السماء حيناً وفي الزقاق المؤدي الى المنزل حيناً آخر، وكأنها تنتظر قدوم أحد تأخر بقدومه. ولما لا؟ فهي رغم أنها في العقد الثالث من العمر، ما تزال تبدو كصورة العذراء مريم التي يخبئها جدي رحمه الله في قعر صندوق خشبي حتى لا يراها أحد. أفنت عمتي ما مضى من عمرها وهي تعتني بي دون اهمال واجباتها كمدرسة للغة الإنكليزية في ثانوية القرية. رويداً رويداً أخذ لون الشمس يتحول الى نحاسي وهّاج وبدت الأشجار على رؤوس القمم، وكأنها معلقة في الفضاء، أو كأنها تتحدى الريح والعواصف. تعجبت لصمتها فأردت قطع هذا السكون.

هذا الكتاب من تأليف نوبار دومبادزه و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها