تحميل كتاب ثلاثية حول الرواية pdf الكاتب ميلان كونديرا

عندما يُقدم ميلان كونديرا نفسه الى قرائه كما فعل في كتابه «ثلاثية حول الرواية: فن الرواية، الوصايا المغدورة، الستار» الذي نقله الكاتب والأكاديمي السوري بدر الدين عرودكي الى العربية، ضمن المشروع القومي للترجمة، فالأمر يختلف في منطلقاته ونتائجه.
ينطلق كونديرا في كلامه عن الرواية من مقولات فلسفية وتاريخية تبدأ مع هوسرل وديكارت في الفلسفة، ومع سرفانتس ورتيشاردسون، وتولستوي وجويس في الرواية. تقوم هذه المقولات، على أن الفلسفة، المنبثقة من الفلسفة اليونانية التي طوّرها الفلاسفة في ما بعد تنظر الى العالم في مجموعه بصفته مشكلة يجب حلّها عبر تعميق المعرفة التقنية والرياضية بها متناسية العالم المحسوس للحياة: «لقد صار الإنسان الذي ارتقى سابقاً مع ديكارت مرتبة سيّد الطبيعة ومالكها مجرّد شيء بسيط في نظر قوى التقنية والسياسة والتاريخ التي تتجاوزه وترتفع فوقه وتمتلكه. ولم يكن لكيانه المحسوس، لعالم حياته في نظر هذه القوى أي اعتبار».
والواقع ان الفلسفة والعلوم، على ما يقول كونديرا قد نسيت كينونة الإنسان، فيما الرواية ابتداء من سرفانتس سعت الى سبر كيان هذا الكائن المنسيّ. وقد اكتشفت الرواية عبر أربعة قرون من تاريخ أوروبا مختلف جوانب الوجود، تساءلت مع معاصري سرفانتس عما هي المغامرة، وبدأت مع ريتشاردسون في فحص «ما يدور في الداخل»، وفي الكشف عن الحياة السرية للشاعر، واكتشفت مع بلزاك تجذّر الإنسان في التاريخ، وسبرت مع فلوبير أرضاً كانت حتى ذلك الحين مجهولة هي أرض الحياة اليومية، وعكفت مع تولستوي على تدخل اللاعقلاني في القرارات وفي السلوك البشري، واستقصيت اللحظة الماضية مع مارسل بروست، واللحظة الحاضرة التي لا يمكن القبض عليها مع جيمس جويس.
ان اكتشاف كينونة الإنسان وسرّه المنسيّ والمخفي في آن هو ما يمكن الرواية وحدها دون سواها أن تكشفه، وهو ما يبرّر وجودها. واذا كان فهم الأنا المفكر مع ديكارت بصفته أساس كل شيء، والوقوف في مواجهة الكون وحيداً موقفاً اعتبره هيغل بحق موقفاً بطولياً، فإن فهم العالم مع سرفانتس بصفته شيئاً غامضاً يتطلب قوة لا تقل عظمة عن أنا ديكارت على ما يرى كونديرا.

هذا الكتاب من تأليف ميلان كونديرا و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها