تحميل كتاب جهاد الدعوة pdf الكاتب محمد الغزالي

عندما كان المسلمون العالم الأول-بلغة عصرنا-كانت شمائلهم الروحية والاجتماعية تبوئهم هذه المكانة دون افتعال أو ادعاء، وكان سائر الخلق يرمقهم بمهابة وإعزاز، لأنهم كانوا الأذكى والأرشد والأقوى!

من الذي منحهم هذه الخصائص وهي سجايا لم تكن فيهم معروفة؟ إنه الإسلام وحده، لقد أقبلوا عليه واسلموا زمامهم له فجعلهم أئمة في الأرض... كانوا ينتمون إليه وحده، ويستمدون منه وحده، ويغالون به مغالاة مطلقة!

قد يجتهدون فيخطئون! وقد ينطلقون فيتيهون! وتلك طبيعة البشر، ولكنهم تعلموا من نبيهم هذه الحكم: "سددوا وقاربوا"، "واستقيموا ولن تحصوا"، فكانت حصيلتهم الإنسانية بعد الخطأ والصواب والشرود والاستقامة أربى من غيرهم وأثقل في موازينهم. وليس الإسلام طلقة فارغة تحدث دوياً ولا تصيب هدفاً، إنه نور في الفكر، وكمال في النفس، ونظافة في الجسم، وصلاح في العمل، ونظام يرفض الفوضى، ونشاط يحارب الكسل، وحياة موارة في كل ميدان.

ما كان أحد ليغيظ الكفار، ويذل الاستعمال على هذا النحو الذي فعله صاحب الرسالة العظمى، لكنه الوحي الأعلى استضاء به إنسان، ثم أضاء به من حوله ومن بلغه! عيب المسلمين الآن أنهم لم يعرفوا القرآن ثقافة تفيق الألباب ، وخبرة بالأنفس والآفاق، إنه ترديد ألفاظ وأنغام وحسب.

هل ينشأ الحصاد الوفير من زرع شيطاني خرج من تلقاء نفسه، ولم يلق حظاً من اهتمام وتعهد؟ إنني أتقلب بين شعوب إسلامية كثيرة، فأجد طفولة فكرية وخلقية مستغربة! طفولة لم تجد من يربي، ويقوم العوج، ويصلح الخطى. قلت وأنا أنظر للجماهير الهائمة: ترى أتغيظون الكفار؟ أم سوف يضحك منكم الكفار؟ إنكم فقراء إلى من يقدم لكم الرغيف، فيكف تستطيعون ملء القلوب بالهدى؟

هذا الكتاب من تأليف محمد الغزالي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها