تحميل كتاب الطغاة والبغاة pdf الكاتب جمال بدوي

إذا دخل الاستبداد من الباب، هربت الحرية والكرامة والأمن وحقوق الإنسان من النافذة، لأن الاستبداد لا يدخل وحده، وإنما يصحبه الإرهاب والبطش والترويع، عنئذ يتحول الناس إلى كائنات هلامية، حسبهم من الحياة أن يعيشوها في سكون، وأن ينتهي بقاؤهم فيها دون أن يمسهم طائف من العذاب. إنها حياة أشبه بحياة القطيع ليس فيها من النشاط الإنساني سوى إشباع الغرائز، أما إشباع العقل وغذاء الروح الارتقاء بالتفكير.. فكلها أنشطة تخضع لسيطرة المستبد الذي يسعده أن تتحول الرعية إلى إمعات معدومة الشخصية، تميل حيث تميل الريح.. ولا تسبح أبداً ضد التيار.

والحرية معاناة وممارسة.. وشقاء وعذاب.. ولكي تتذوق حلاوة الحرية لابد أن تدفع مهرها.. فالحلاوة التي بلا نار لم تخلق بعد..

ولست هنا لأروي لك قصص الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية. ولكني أتحدث عن الحرية كما ينبغي أن يمارسها كل إنسان دون أن يكون بطلاً أو شهيداً.. حقك في أن تعيش حراً في مجتمع حر.. تعبر عن رأيك دون أن تخشى الملام.. حقك في أن تمارس حريتك السياسية.. وحريتك الاقتصادية.. وحقك أن تختار الحاكم وتنتقده وتحاسبه إذا أخطأ.. وتغيره إذا خرج على حدود العدل والإنصاف..

لم تقدم الإنسانية ظهور ناس شرفاء ينتصرون للخير ويقفون إلى جانب العدل، ويحتقرون الظلم، أولئك هم المفكرون الأحرار الذين كانوا يجهرون بالحق ويشيعون في الناس دعاوي الحرية، ويؤلبونهم على كل مظاهر الفحش والفجور التي يمارسها الطغاة بمساعدة المأجورين من رجال الدين.. والسياسة..

هذا الكتاب من تأليف جمال بدوي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها