تحميل كتاب السلطة الدينية pdf الكاتب د. برهان زريق

قضية السلطة الدينية قضية "قديمة -جديدة"... عرفتها أمم غابرة، وثار الجدل من حولها في حضارات قديمة... ودفع الإنسان، من حريته وكرامته ورخائه، بل ومن إنسانيته ثمناً فاحشاً غالباً فادحاً وعظيماً. لقد حكم القيصر بالحق الإلهي والسلطة الدينية، وساد ذلك في أوروبا قبل المسيحية وبعد أن اعتنقت روما ديانة المسيح.. فهو مقدس لأنه – في الوثنية - ابن السماء، ولأنه – في المسيحية- رئيس الكنيسة وحليف الكهانة التي زعمت لنفسها حق احتكار الفهم عن السماء والحديث باسمها.. ولقد كان الثمن الذي دفعته الإنسانية في أوروبا بسبب سيادة هذه النظرية في حياتها السياسية فادحاً وفسيحاً. وتسربت عناصر هذه النظرية إلى قطاع محدود من الفكر السياسي في حضارتنا حيث دعا إليها نفر قليل من مفكري الإسلام، كما تسربت هذه النظرية إلى عقول العديد من المستبدين والحكام والسلاطين، فأعاقت تطور الأمة، وأثقلت عقلها بالقيود، ودفعتها دفعاً إلى مرحلة الجمود والتخلف التي شملت عالم الإسلام وكبلته وأثخنته بالجراح لعدة قرون! هكذا كانت أهمية الموضوع وهكذا كان الدافع إلى الخوض فيه والكشف عن خفاياه وغموضه ومسائلته حثيثاً، وهكذا كان عزمنا وعزيمتنا سديداً سعينا ورجاؤنا في ذلك رضاء الله وإرضائه، والله المستعان.

قضية السلطة الدينية قضية "قديمة -جديدة"... عرفتها أمم غابرة، وثار الجدل من حولها في حضارات قديمة... ودفع الإنسان، من حريته وكرامته ورخائه، بل ومن إنسانيته ثمناً فاحشاً غالباً فادحاً وعظيماً. ففي مصر القديمة كانت الذريعة التي تبرر تسخير الفرعون للأمة كي تبني له مقابر خلوده والمراح الذي يضمن لروحه النعيم بعد الممات، وكان المبرر لانفراده بذلك تلك العلاقة المزعومة التي تربط بينه وبين سلطان السماء باعتباره ابن الإله، ومن ثم فسلطته الدينية وسلطانه السماوي تمنحه من الحقوق ما لاحق لاحد سواء فيه!... وكانت العلاقة بين كسرى وبين الإله "أهورا –مزدا" المبرر لانفراده بالأمر والنهي من دون الناس، فكلمته قانون السماء وتشريعها، ولقد أتاح هذا الأمر لكسرى أن يضفي القداسة والدوم على أوضاع جائرة وفاسدة ما كانت لتنال القداسة أو الدوام لو لم تغلفها هذه السلطة الدينية بذلك الرداء السماوي المزعوم!.. وحكم القيصر بالحق الإلهي والسلطة الدينية، وساد ذلك في أوروبا قبل المسيحية وبعد أن اعتنقت روما ديانة المسيح.. فهو مقدس لأنه – في الوثنية- ابن السماء، ولأنه – في المسيحية- رئيس الكنيسة وحليف الكهانة التي زعمت لنفسها حق احتكار الفهم عن السماء والحديث باسمها.. ولقد كان الثمن الذي دفعته الإنسانية في أوروبا بسبب سيادة هذه النظرية في حياتها السياسية فادحاً وفسيحاً. وتسربت عناصر هذه النظرية إلى قطاع محدود من الفكر السياسي في حضارتنا حيث دعا إليها نفر قليل من مفكري الإسلام، كما تسربت هذه النظرية إلى عقول العديد من المستبدين والحكام والسلاطين، فأعاقت تطور الأمة، وأثقلت عقلها بالقيود، ودفعتها دفعاً إلى مرحلة الجمود والتخلف التي شملت عالم الإسلام وكبلته وأثخنته بالجراح لعدة قرون! ولقد كانت الدعوة إلى السلطة الدينية، وصبغ نظم الحكم وسلطات الحاكم بصبغة الدين، وتوحد السلطتين: الدينية وإلزامية في سلطة واحدة... كانت الدعوة إلى ذلك، تنطلق أحياناً من منطلق التبرير لمظالم السلطة البشرية القائمة، ومحاولة تأييد الجور وتأييده عن طريق الزعم بأن سلطان هذه السلطة وسلطاتها إنما هي ذات طبيعة دينية، فالسلطة بينها وبين السماء، ووكالتها عن الله، فحسابها أمامه وإليه، وليس للأمة دخل أو مدخل في كل هذه الأمور.. كان ذلك هو منطلق هذه النظرية والدافع إليها في الكسروية الفارسية والقيصرية الرومانية والحكم الإلهي بأوروبا في العصور الوسطى، وأيضاً في فترات التاريخ السياسي الإسلامي الذي ساوت فيه هذه النظرية، ولدى ذلك النفر من الفقهاء الذين دعوا قديماً أو حديثاً إلى هذا اللون من الفكر، كما صنعت "مشيخة الإسلام العثمانية" في ظل حكم سلاطين آل عثمان. وفي بعض الأحيان كان منطلق هذه الدعوى هو المعارضة للسلطة البشرية القائمة والظالمة كما حدث إبان نشأتها على يد الشيعة في تراثنا الفكري، فلقد كانت يؤمنذ رفضاً للسلطة البشرية الظالمة، وحلما مثالياً بسلطة دينية إلهية عادلة، يختار فيها الله سبحانه ذات الحاكم – الإمام- ويصنعه على عينه، ويعصمه من الخطأ، ويسلحه بعلم غير محدود، ويمنحه ما منح أنبياءه ورسله من تأييد ظهر بعضه في صورة الخوارق والمعجزات، وذلك حتى يكون هذا الحاكم الديني، ذو السلطة الإلهية هو البديل لسلطة البشر الظالمة التي سادت في ذلك التاريخ، وحتى يتمكن من أن يملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً...!

الناشر موافقة وزارة الاعلام السورية على الطباعة رقم 113416 تاريخ2017/3/20-, 2016

تحميل كتاب السلطة الدينية pdf

هذا الكتاب من ضمن سلسلة الكتب المنشورة بعد الرحيل.

هذا الكتاب من تأليف د. برهان زريق و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها