تحميل كتاب الحل الاسلامى فريضة وضرورة pdf الكاتب يوسف القرضاوي

المقدمة

أحمدك اللهم، وأصلي وأسلم على محمد عبدك ورسولك، وعلى آله وصحبه، ومَن سار على دربه.

وبعد ...

فهذا هو الجزء الثاني من سلسلة «حتمية الحل الإسلامي» التي وعدتُ بها القراء مع صدور الجزء الأول «الحلول المستوردة وكيف جنت على أمتنا» منذ ثلاث سنوات. ثم تأخر ظهور هذا الجزء إلى اليوم، لظروف شلغتني عن إكماله.

والواقع أني كتبتُ معظم فصول هذا الجزء منذ نحو عشر سنين، ونشرت بعضها في مجلة «الشهاب» البيروتية الغرّاء، وبقي متوقفًا على الفصل الأخير منه، الذي كتبتُ منه بعضًا وبقي بعض، حتى شرح الله له صدري أخيرًا، ويسَّر لي كتابته في وقت كنتُ أشد ما أكون فيه ازدحامًا بالعمل الرسمي. ولكن الله إذا ما أراد أمرًا يسَّر له أسبابه.

وفي هذا الجزء تناولتُ عدة فصول أو أبواب:

الأول منها: يتحدث عن ضرورة التغيير، بعد أن تحقق فشل الحلين السابقين: الليبرالي والاشتراكي، وثبت أن البديل الفذ هو الحل الإسلامي.

والثاني: يتحدث عن «معالم الحل الإسلامي» المنشود، وخطوطه العريضة في مختلف مجالات الحياة: الروحية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والسياسية.

والثالث: يتحدث عن شروط الحل الإسلامي التي يجب توافرها، ليكون حلًّا إسلاميًّا صحيحًا، من ضرورة الدولة المسلمة، والاستمداد من مصادر الإسلام وحدها، والأخذ بالإسلام كله، والإصرار على عنوان الإسلام، واتخاذه غاية تُقصد لا وسيلة تُمتطى!

والرابع: يتحدث عن مكاسبنا من وراء الحل الإسلامي، فبه نحقق وجودنا الإسلامي، ونقيم التوازن في حياتنا، ونعالج مشكلاتنا من جذورها، ونكوِّن الإنسان الصالح الذي هو أساس المجتمع الصالح، ونجدِّد روح القوة في أمتنا، ونحفظ وحدتها والإخاء بين أبنائها ونجمع كلمة العرب والمسلمين حول راية الإسلام، ونحقق الأصالة والاستقلال الفكري والعقائدي لأمتنا ... إلخ.

والخامس: يتحدث عن السبيل إلى الحل الإسلامي ما هو؟ وعرض تصورات فئات شتى لهذا السبيل ومناقشتها بالمنطق والدليل، انتهاءً إلى الطريق الأمثل، بل الفذ، كما أراه، وهو سبيل الحركة الإسلامية الشاملة الواعية: وأعني بها العمل الإسلامي الجماعي المنظم المخطط، شارحًا بتركيز معاني الجماعية والتنظيم والتخطيط، ومبينًا عناصر النجاح اللازمة للحركة: من الجيل المسلم الذي تعمل على تكوينه، إلى القاعدة الجماهيرية الإسلامية التي تساندها، وتناصرها، إلى التغلب على المعوِّقات من جهة الشعب, أو من خارج الوطن، أو من داخل الحركة ذاتها، مفصِّلًا القول في هذه المعوِّقات خاصة، لأنها أشد خطرًا.

ثم أشرت إلى الحركة الإسلامية بالأمس وما قدمته لمجتمعها وللإسلام والمسلمين، منتهيًا إلى الحركة الإسلامية المنشودة المرجوة لغد الأمة، موضحًا أبرز ملامحها وقسماتها المعبرة عن وجهها، المميزة لشخصيتها، كما أتصورها.

وكان المقرر أن يكون في هذا الكتاب فصل أو باب عن «خصائص الحل الإسلامي» والحق أن هذه الخصائص ليست إلا خصائص النظام الإسلامي، وبعبارة أخرى: خصائص الإسلام ذاته. ومثل هذا الموضوع حريّ بأن يمتد فيه الحديث طولًا وعمقًا، وأن يُخصَّص له كتاب مستقل موضوعه «الخصائص العامة للإسلام» وهو ما أنوي إخراجه تحت هذا العنوان قريبًا إن شاء الله.

وبهذا أرجو أن أكون قد وضَّحتُ ما ينبغي توضيحه في هذا المقام، غير زاعم لنفسي الكمال، ولا مدع لها العصمة، فما كان من صواب فبتوفيق الله، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان، وأستغفر الله منه، وأطالب الإخوة القرّاء أن يسددوني فيه {إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِيقِيٓ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (هود:88) .

الدوحة في 24/5/1394هـ

14/6/1974م

يوسف القرضاوي

هذا الكتاب من تأليف يوسف القرضاوي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها