تحميل كتاب البحث عن منقذ - دراسة مقارنة بين ثماني ديانات pdf الكاتب فالح مهدي

اكد الفكر الفلسفي الديني، عبر مراحل تطوره، ان لهذا الكون قوة خارقة، أوجدته من العدم، وما برحت تحكمه منذ الازل، وتتصرف في شؤونه، وهذا ما ادى الى سن تشريعات وقوانين تتفق مع هذا المفهوم.

وانطلاقا من ذلك خف اتفقت كل الاديان على ان تلك القوة التي خلقت الحياة على الارض سوف تنهي هذه الحياة في يوم من الايام.

كما أكدت - أي تلك الاديان - على علامات معينة سوف يكون ظهورها نذيرا بنهاية العالم.

وفي هذا الكتاب محاولة بسيطة لدراسة جانب من جوانب الفكر الديني، ويتمثل هذا الجانب بدراسة كيفية نهاية العالم ونزول المنقذ من قبل الإله لانقاذ الاخيار من البشر. وقد اخترت لدراسة هذه الناحية ثماني ديانات هي المصرية القديمة والهندوسية، والبوذية والجينية، والزرادشتية، واليهودية، والمسيحية، والإسلامية.

وكان اختياري لها على سبيل المثال لا الحصر، فالذي لاحظته ان هذه الاديان تؤكد ان للعالم نهاية لاريب فيها، وسوف تصاحب منه النهاية نزول منقذ بواسطة القدرة الالهية، لانقاذ الاخيار بعد ان يصيب الأرض الدمار ويحل فيها الفساد.

ولهذا المنقذ صفات خاصة خارقة ورد ذكرها في كل هذه الاديان تقريباً، فهو قد ولد في ظروف صعبة وتعرضت حياته لمخاطر كثيرة، وله علامات لا تتوفر لدى البشر الاخرين اضافة الى كونه من سلالة الملوك والأمراء.

اذن فان هذه الدراسة ستتناول بالنقد الموضوعي ما يمكن ان نطلق عليه دراسة الفكر الديني المقارن.

فمثلا بينت مدى التشابه بين شخصية المسيح في الفكر الديني المسيحي من جهة وشخصية كرشنا في الفكر الديني الهندوسي و ((بوذا)) في الفكر الديني البوذي من جهة اخرى.

فما يوجد من تشابه بين المسيح وبوذا لا يجعلك تشك في ان ايّا منهما يمكن ان يحل مكان الاخر.

ثم حاولت ان اتبين العوامل التي كانت سبباً في ايجاد فكرة المنقذ. فالملاحظ انها اخذت طابعاً متنوعاً يختلف بإختلاف الشعوب والديانات، ولا يمكن حصرها بعامل دون الاخر. ولكن بإمكاننا أن نقول بأن هناك عاملاً جوهرياً قد لعب الدور الاساسي في بلورة هذه الفكرة اضافة الى بقية العوامل.

فمثلا في الديانة المصرية القديمة كان ((النيل)) عاملا فعالا في بلورة هذه الفكرة. اذ كان - اي النيل - حين يعود بعد امحال ويؤوب جالبا معه الخيرات والبركات، مثارا لتعجب قدماء المصريين حتى انهم كانوا يتضرعون للاله ((اوزيريس)) اله النيل ان يعيد خيرات النيل اليهم.

ولا يفوتنا ان نذكر ان الكهنة قد لعبوا دورا حاسما في التنبؤ بعودة المنقذ الذي يتمثل بفيضان النيل.

وفي الديانة الهندوسية تتمثل ارقى اشكال الانقاذ في التناسخ بالاله ((فشنوا)) وفي الديانة اليهودية برز المنقذ كقوة محاربة لقتل اعداء بني اسرائيل.

بمعنى اخر. ان للعوامل الاقتصادية والبيئة والجغرافية والسياسية والبيولوجية اثرا فعالا في وجود الفكرة وتنوعها. المهم في ذلك ان هذه.لمباديء قد اقتنعت بها الشعوب في فترة من فترات التاريخ الانساني، ولا يزال البعض الاخر يؤمن بها.

فالعقلية الانسانية يغلب عليها انها (تلقائية) تتقبل ما يردها دون تمحيص، ولا يتسنى النقد إلّا للبعض.

فمن البداهة ان نقول، ان الشعوب المتمدنة والتي واكبت التطور الحضاري استطاعت ان تجد منقذها من داخلها.

فالشعب الذي تزداد درجة وعيه بنفسه وبظروفه الموضوعية يستطيع ان يدرك جيدا بانه اعظم منقذ لنفسه.

اما الشعب الجاهل فينتظر النصر من الخارج ! ؛

ولو اتيح لهذه الشعوب الجاهلة ان تفهم الحقيقة فسترى ان تاريخ الانسانية مملوء بالزيف والكذب والخداع وان كثيرا من الشخصيات في تاريخ الانسانية لا تستحق ما هي عليه من تقدير واجلال وتقديس.

بعد ذلك أرجو ان يكون هذا الكتاب مقدمة مناسبة، حاولت ان تلتزم النهج العلمي مساراً لها.

وفي الختام أقدم جزيل شكري للأستاذ الدكتور سامي سعيد الاحمد لمراجعته فصول الكتاب الاربعة الاولى وابداء ملاحظاته القيمة حول ما ورد فيها، والى كل الاصدقاء الذين لم يبخلوا بملاحظاتهم او تقويم ما اعوجَّ من لغة الكتاب.

تحميل كتاب البحث عن منقذ - دراسة مقارنة بين ثماني ديانات PDF - فالح مهدي

هذا الكتاب من تأليف فالح مهدي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها