تحميل كتاب الإمام الغزالي بين مادحيه وقادحيه pdf الكاتب يوسف القرضاوي

فهذه الصحائف التي بين يديك - أخي القارئ - تلقي شعاعًا من ضوء على أحد عمالقة الفكر والتجديد في تراثنا الإسلامي، إنها عبقرية فذة، أنبتتها تربة الحضارة الإسلامية الخصبة، التي طالما هيأت لأبناء الفقراء والكادحين أن يرتقوا شوامخ القمم بمواهبهم وكفاحهم، وأن يفرضوا أنفسهم على الزمن، ويصغي لهم سمع التاريخ.

فمن كان يظن أن ذلك الصبي الذي كان يكسب أبوه عيشه من مغزله، والذي لم يدع له من المال ما يكفيه مدة الصبا، حتى اضطر أن يدخل هو وشقيقه إحدى المدارس التي تتكفل بإيواء طلابها وإطعامهم والنفقة عليهم، من كان يظن أن ذلك الغلام سيصبح يومًا حجة الإسلام، وعلم الأعلام، وأن الشرق والغرب سينتفعان به ويخلدان أثره؟

إنه الغزالي، الذي أثر في الفكر الإسلامي، وفي الحياة الإسلامية، تأثيرًا منقطع النظير، من خلال عطائه الفكري، وعطائه الروحي، ومن خلال قصة كفاحه في سبيل الوصول إلى الحقيقة واليقين، والسعادة الروحية، التي هي عنده غاية الغايات.

أجل إنه الغزالي، الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، في حياته وبعد وفاته، واختلف فيه السابقون، كما اختلف فيه اللاحقون والمعاصرون. فمن مبالغ في الإعجاب به، والثناء عليه ... ومن مسرف في الاتهام له، والتحامل عليه. ومن معتدل بين هؤلاء وهؤلاء، يعطي الرجل حقه، ويمدحه بما هو أهله، وينقده فيما يرى أنه قصر أو أخطأ فيه، والعصمة لمن عصمه الله....

هذا الكتاب من تأليف يوسف القرضاوي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها