تحميل كتاب إشكالية الانقسام في قاع المجتمع العربي pdf الكاتب د. برهان زريق

إن ظهور بعض أعراض الضعف في أمتنا، وذلك على إثر الأحداث الأخيرة في المشرق العربي، مع التنويه بأن هذه الأعراض لا تعدو أن تكون قد أصابت أمتنا - وكل الأمم بما هو أقسى وأشد- أمغاصاً وأعطاباً وأوجاعاً يعانيها كل مريض مؤكدين النظرة البعيدة والمديدة والعميقة بأن أمتنا تضعف ولا تموت. على ضوء هذا الوعي العميق والبعيد المدى للأمور وللرؤية الساطعة "الضعف لا الموت" سيكون منهجناً في تحليل وشرح وتشريح ومعانقة حية لهذه الظاهرة "الطائفية"، منطلقين من نقطة أساسية هي التكامل بين الرؤية والمنهج، فالرؤية تحدد منهجها الخاص، والمنهج يزيد الرؤية غناء وثراء وكمالاً، لا المنهج يسبق الرؤية، ولا الرؤية تسبق المنهج، "وكل في فلك يسبحون"..

طلعت أمتنا على الدنيا والتاريخ منذ الأكاديين أو قبل ذلك، عاملة مبدعة سبع حضارات، منها ست حضارات عالمية، في حين أن الحضارة اليونانية لم تبدع سوى حضارة واحدة تم اختفت. يقول الدكتور شاكر مصطفى: إن المؤرخين حين نظروا إلى الحضارة اليونانية سموها بلسان رينان الأعجوبة اليونانية، لأنها أومضت كإيماضة البرق عدة قرون فقط، ثم انطفأت إلى غير رجعة، أما الوجود العربي فيظهر في شكل حضارة، ثم تعود فتهدأ، ولكنها لا تموت، فبهذا الشكل حقق العرب سبع حضارات: منها ست حضارات عالمية. والسمة الثانية للأمة العربية إنسانيتها، تلك الإنسانية التي مهدت وسهلت لها التعاون مع الأمم والشعوب والجماعات والآحاد، يقول الدكتور زريق: الحضارة العربية ليست من نتاج شعب واحد، بل هي مشروع تعاوني اشتركت فيه مختلف الأعراق البشرية، وما اتصفت به هذه الحضارة كان نتيجة دافع روحي ونظرة عالمية شاملة وإيمان راسخ بوحدانية الحق وروح تعاونية سمحة. ولقد أخذت "المعجزة العربية" تتكامل وتتعضون وتتأنسن وتتعاظم بعد لقائها الحميم بالإسلام ومعانقتها له. ويحكى عن فقهاء الشريعة الإسلامية قولهم: اللغة العربية جزء ماهية القرآن، ونحن بدورنا نجزم أن الإسلام جزء ماهية العروبة، فقد كان انتشار الإسلام -بالفتوحات الإسلامية- إيذاناً ومدخلاً لتوسع وانتشار العروبة، بالطبيعة والنسب المركوزة في طبائع الأمور. فالإسلام عزز من كبرياء الأمة العربية وعزتها وكرامتها وأصالتها، عندما قرن وحدة الأمة بالإيمان بالله: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾. والإسلام شحن الأمة بجهاز المناعة "الأنتيبيوتك" عصمة وحماية ودوراً وفعالية للاضطلاع بحفظ الدين وحمايته ونشره. قال تعالى:﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾. ولعل دافعي إلى كتابة الأسطر السابقة ارتفاع بعض الأصوات مدللة بظهور بعض أعراض الضعف في أمتنا، وذلك على إثر الأحداث الأخيرة في المشرق العربي، مع التنويه بأن هذه الأعراض لا تعدو أن تكون قد أصابت أمتنا - وكل الأمم بما هو أقسى وأشد- أمغاصاً وأعطاباً وأوجاعاً يعانيها كل مريض مؤكدين النظرة البعيدة والمديدة والعميقة للدكتور شاكر مصطفى بأن أمتنا تضعف ولا تموت. على ضوء هذا الوعي العميق والبعيد المدى للأمور وللرؤية الساطعة "الضعف لا الموت" سيكون منهجناً في تحليل وشرح وتشريح ومعانقة حية لهذه الظاهرة "الطائفية"، منطلقين من نقطة أساسية هي التكامل بين الرؤية والمنهج، فالرؤية تحدد منهجها الخاص، والمنهج يزيد الرؤية غناء وثراء وكمالاً، لا المنهج يسبق الرؤية، ولا الرؤية تسبق المنهج، "وكل في فلك يسبحون".. هذا ونشير إلى أننا وسمنا الكتاب بعنوان إشكالية -وليس مسألة كما جاء عند بعض الباحثين على اعتبار أن الإشكالية، هي بالأصل مسألة عويصة معقدة ومتشابكة، مطروحة بقوة وتنتظر حلاً لها، ونحن نرى أن وطننا الغالي يمور ويموج ويغلي بالانقسامات التي نجد فيها مظاهر للتطور وتلمساً للحلول. هذا وسنقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول نتكلم في الفصل الأول عن التأسيس وعن ارتباط المنهج بالرؤية، على أن نتكلم في الفصل الثاني عن الطائفية، أما في الفصل الثالث فسنخصصه لمعالجة الإشكالية المطروحة.

الناشر موافقة وزارة الاعلام السورية على الطباعة رقم 113878 تاريخ 2017/1/21 , 2016

تحميل كتاب إشكالية الانقسام في قاع المجتمع العربي pdf

هذا الكتاب من ضمن سلسلة الكتب المنشورة بعد الرحيل.

هذا الكتاب من تأليف د. برهان زريق و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها