تحميل كتاب هكذا قال جحا pdf الكاتب نجيب سرور
كتاب هكذا قال جحا من تأليف نجيب سرور وتحرير وتقديم وتحقيق محمد فرحات؛ ضمن مشروع إحياء تراث نجيب سرور:
"هكذا قال جحا". وماذا يفرق جحا وما قاله عن زرادشت، وما قاله زرادشت؟ لكن نيتشه الألماني لم يكن بسوء حظ نجيب سرور. لم ينشأ نيتشه، صاحب "هكذا قال زرادشت"، في أوطان تأكل مبدعيها، كما نشأ نجيب سرور.
نجيب سرور، هذا العبقري، حينما أُغلقت في وجهه كل أبواب الحياة، وطُرد من عمله، وأُغلقت في وجهه كل أبواب المجلات والصحف، وشُرّد هو وأسرته؛ زوجه كورساكوفا وولديه شهدي وفريد، أرسل برسالة إلى يوسف إدريس تلخص مأساة. يسأل يوسف إدريس يدًا أخيرة تغيثه، ولكنها كانت في صورة صرخة لن ينساها الضمير الإنساني، ما حيا الضمير الإنساني وبقى.
على عجالة من الأمر، قاد يوسف إدريس حملة لتجميع مقالات نجيب سرور من شتى المجلات والدوريات التي كان يكتب فيها نجيب سرور، في محاولة لطبعها في كتاب. بمكافأته، يعيش نجيب سرور أيامه الأخيرة.
طُبع الكتاب ونُشر، ولكن لم يره نجيب سرور، إذ كان قد غادر تلك الأوطان المستبدة البائسة لعالم أرحب وأرحم من عالمنا.
خرج الكتاب للنور عام 1979، وكان نجيب قد غادر في 1978، بطبعة وحيدة عن "دار الثقافة الجديدة"، وبنسخ لا تتجاوز الخمسمائة نسخة، سرعان ما اختفت من الأسواق ولم تُعد طباعتها.
إلا أن المقالات تم انتقاؤها بمهارة وذكاء وقدرة، لتؤرخ لفترة هامة في تاريخ مصر السبعينيات. وما حدث من تغيرات رصدها نجيب سرور بمنظاره المدقق الذكي؛ تغيرات اجتماعية وسياسية، في زمن الانفتاح "سداح مداح"، ومقدمات بيع الأوطان، وتشريد الشعوب، ونهب مكتسباتها، والاستسلام النهائي لطغيان الرأسمال والنخب الحاكمة المستبدة العالمية ووكلائها المحليين.
نقدم هذه الوثيقة الهامة التي كتبها نجيب سرور، مسلطًا منظاره المكبر على ظواهر فنية ومسرحية واجتماعية، يُشرِحها بمبضع الجدلية التاريخية العلمية.
هي وثيقة هامة نعيد نشرها في مشروع إحياء تراث "نجيب سرور" ونشر ما لم يحالفه الحظ بالنشر، تنفيذًا لوصية حافظة أسراره، زوجه الوفية "ساشا كورساكوفا"، وأمل نجيب سرور أن تُنشر كل كلمة كتبها وخطها في قصيدة أو نص مسرحي أو مقال نقدي.
إن نجيب سرور لم يكن مجرد كاتب أو شاعر عابر في تاريخ الأدب العربي، بل كان مرآة صادقة للواقع، وحاملًا لهموم الإنسان في زمن كانت فيه الكلمة الحقيقية تُعاقَب، والصوت الصادق يُخنَق. لقد امتلك موهبة نادرة تجمع بين الحس المرهف، والوعي السياسي العميق، والرؤية النقدية الثاقبة، مما جعله يخطّ أعمالًا بقيت شاهدة على عصرها، ومصدر إلهام للأجيال القادمة.
منذ رحيله، ظلّ اسمه حاضرًا بين المثقفين، ورؤاه تُناقَش بين النقاد. لكن نجيب سرور لم يكتب فقط للأوساط الثقافية؛ بل كتب للإنسان العادي، للمحرومين والمقهورين، لأولئك الذين لم يجدوا صوتًا يعبر عنهم. كتب عن الحلم والأمل، عن الألم والقهر، وعن الوطن الذي يبتلع أبناءه في متاهات الظلم والفقر.
وإن مشروع إحياء تراثه ليس مجرد إعادة نشر لأعماله، بل هو استعادة لصوت غائب، كان يُراد له أن يُدفن في صمت، ولكنه ظل صاخبًا في ذاكرة من عرفوا قيمة نجيب سرور وأثره.
ما زالت كلماته تصدح في وجدان محبيه، وكأنها توقظ الضمير الإنساني الذي أراد أن يظل حيًّا في كل زمان ومكان. لقد أصرّ نجيب، حتى آخر لحظة في حياته، على أن يترك لنا إرثًا يواجه الزمن، ويقف في وجه النسيان، كأنه يقول: "ما زلت هنا... بينكم، ما دام الحرف حيًّا والقضية مستمرة".
في هذه الوثيقة، وفي كل عمل تركه، نكتشف رجلًا لم يهادن، ولم يبع كلمته، ولم يتخلَّ عن حلمه، رغم كل العواصف التي واجهته. نجيب سرور هو اليوم، كما كان بالأمس، رمزًا للمثقف الحر، والمبدع الذي لا تنطفئ شعلته، مهما حاول الظلم إطفاءها.
إننا إذ نعيد نشر هذه الوثيقة، ندعو كل قارئ أن ينظر إلى نجيب سرور ليس فقط ككاتب عاش في زمنه، بل كصوت ما زال يهمس في آذاننا، يذكّرنا بأن الأوطان تُبنى بالعدل، وبأن الكلمة الحرة أقوى من كل القيود.".
__ محمد فرحات - الشهداء - 28 ديسمبر 2022.
تحميل كتاب هكذا قال جحا PDF - نجيب سرور
هذا الكتاب من تأليف نجيب سرور و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها