تحميل كتاب في ظلال الشعر - دراسات ومقالات في شعر العامية المصرية: الجزء الأول pdf

تحميل كتاب في ظلال الشعر - دراسات ومقالات في شعر العامية المصرية: الجزء الأول pdf الكاتب عماد سالم

منذ أن وُجد الإنسان، كان الشعر وسيلته الأسمى للتعبير عن ذاته وعلاقته بالعالم. فهو ليس مجرد زخرف لغوي أو ترفٍ بلاغي، وإنما فعل إنساني ينهض من رحم التجربة ليحمل في طياته مشاعر الفرد وآمال الجماعة، ويؤسس لوعيٍ جمعيٍّ متجدّد. ولعل ما يميز الشعر عن سائر الفنون هو قدرته الفريدة على أن يزاوج بين جماليات اللغة وحرارة العاطفة وعمق الفكر، فيغدو مرآةً للروح وذاكرةً للتاريخ وحلمًا للمستقبل..... وإذا كان الشعر العربي الكلاسيكي قد ارتبط طويلًا بالفصحى، فإن التجربة الحديثة كشفت أن العامية ليست نقيضًا لها، بل هي امتدادٌ آخر للروح العربية، وقناةٌ حية للتعبير عن نبض الحياة اليومية ومكنون الوجدان الشعبي. لقد استطاعت العامية المصرية، بثرائها الإيقاعي ومرونتها التعبيرية، أن تتجاوز وظيفتها التواصلية المباشرة، لتصبح لغة شعرية قائمة بذاتها، لغة قادرة على احتضان التجربة الإنسانية بكل تناقضاتها، والتعبير عن هموم الناس وآمالهم، من دون أن تفقد بعدها الجمالي أو عمقها الفني.

منذ منتصف القرن العشرين، برز عدد من الشعراء الكبار الذين أسسوا لمشروعية شعر العامية المصرية، وحوّلوه من نصّ عابر إلى تيار أدبي راسخ. فقد شكّل كلٌّ من فؤاد حداد وصلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودي وسيد حجاب وغيرهم علامات مضيئة في هذا المسار، حيث مزجوا بين أصالة التراث وحيوية الواقع، وأرسوا تقاليد فنية ما زالت الأجيال اللاحقة تستلهمها وتبني عليها. ومن هنا صار من المتعذّر الحديث عن الشعر العربي الحديث من دون التوقف أمام إنجاز العامية المصرية، التي أسهمت في صياغة الوجدان الجمعي وفي تشكيل هوية أدبية جديدة.

وانطلاقًا من هذا الوعي، جاء كتابي «في ظلال الشعر: دراسات ومقالات في شعر العامية المصرية» ليكون محاولة لتوثيق هذا المسار الطويل، والاقتراب من التجارب الشعرية التي صنعته وأسهمت في ترسيخ حضوره. لقد سعيت أن يكون هذا العمل موسوعيًّا في روحه، جامعًا لدراسات ومقالات كتبتها عبر سنوات متفرقة، حول أعلامٍ وشعراء يمثلون أجيالًا مختلفة، بدءًا من جيل الرواد وصولًا إلى الأصوات الجديدة التي لا تزال تشكّل ملامح الراهن الشعري.

وما أردته من خلال هذه الدراسات ليس المفاضلة بين شاعر وآخر، بل الكشف عن الملامح الكبرى التي تجعل من شعر العامية تيارًا إبداعيًّا متماسكًا، والوقوف على الأبعاد الجمالية والفكرية التي يفتحها النص العامي أمام قارئه. فشعر العامية لا يكتفي بأن يكون مرآةً للواقع، بل هو أداة لإعادة تشكيله عبر الخيال الفني، وهو نصّ مفتوح يتيح لنا أن نقرأ المجتمع والتاريخ والسياسة، كما نقرأ الذات والوجدان واللغة.

وقد تناولتُ في هذا الكتاب بالتحليل والقراءة أعمال نخبة واسعة من الشعراء الذين تركوا بصماتهم على المشهد الأدبي، من بينهم: فؤاد حداد، صلاح جاهين، عبد الرحمن الأبنودي، سيد حجاب، عبد الرحيم منصور، أحمد فؤاد نجم، جمال بخيت، زين العابدين فؤاد، رجب الصاوي، مسعود شومان، إبراهيم عبد الفتاح، محمود الحلواني، يسري حسان، يسري العزب، أشرف عامر، زكي عمر، مدحت منير، أشرف عتريس، مصطفى مقلد، إبراهيم حامد، مجدي الجابري، السعيد المصري، محمد علي عزب، ناصر دويدار، مصطفى عباس زيكو، فاطمة المرسي، وغيرهم. وقد رتبت هذه الدراسات وفق لحظة كتابتها، إيمانًا مني بأن التجربة الشعرية لا تُقرأ خطيًا أو أبجديًا بقدر ما تُقرأ كجسد متصل تتراكم فيه اللحظات، وتتفاعل الأصوات مع بعضها البعض.

إنني أنظر إلى هذا الكتاب باعتباره الجزء الأول من مشروع نقدي أكبر، سيُستكمل بأجزاء لاحقة أتناول فيها شعراء آخرين وتجارب إضافية، ليكون بمثابة خريطة جمالية ومعرفية لشعر العامية المصرية، ترصد تحوّلاته وتفاعلاته مع الواقع الثقافي والاجتماعي.

تحميل كتاب في ظلال الشعر - دراسات ومقالات في شعر العامية المصرية: الجزء الأول PDF - عماد سالم

هذا الكتاب من تأليف عماد سالم و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها