تحميل كتاب المستتقع pdf

تحميل كتاب المستتقع pdf الكاتب أريج مناضل

تتحدث الرواية عن القيود التي يفرضها المجتمع على كل من الرجال والنساء على حد سواء. فنراهم نتخبط تحت ثقل أغلالنا، وبالأخص القيود المفروضة على النساء. جميلة وإيّار ليسا فقط شخصين، بل كل منهما عالم قائم بحد ذاته، يخوض أفكاره وصراعاته الداخلية، فكلاهما يعيش حياة تم اختيارها له وفرضت عليه قسراً.

تقع الرواية على عدة فصول ما بين الحاضر والذكريات، حيث تبدأ ببداية بسيطة في سرد الأحداث، ثم دخول مفاجئ نحو المنعطف. بعض الفصول بلسان الراوي، بوجهة نظر حيادية تشبه المشاهدة من بعيد، نراقب من خلالها مسرى الأحداث، وبعضها الآخر بالمونولوج الداخلي لجميلة، حيث نشاهد الحياة بمنظورها الخاص، ورؤيتها للحياة، ووجهة نظرها، مخاوفها، أحلامها، كوابيسها، وترجمة عقلها للأحداث والبيئة المحيطة بها. فنرافق جميلة عبر عالمها الخاص ابتداءً من لحظة الولادة، ثم السنوات الأولى لتشكل الوعي والذكريات، فنشاهد صراعها الداخلي في عالم الطفولة، حيث الوحش الكاسر الذي تهابه هو والدها، صورة عكسية لما ينبغي أن يكون عليه الحال، إذ يتحول الأب إلى أعنف الوحوش بدل أن يكون صمام الأمان. ومن تلك الأعوام ينحفر عميقاً بين طبقات كثيفة من الوعي صورة ثابتة وواضحة للرجال الذين يمارسون سلطتهم على عالمها، وتبدأ الأمور بالتصاعد بعد الزواج، حيث يفشل كلا الزوجين في فهم الآخر وبناء علاقة مشتركة، ويبقى كل منهما ملتزماً بجانبه من الحياة، بعيدا عن الحياة الزوجية المشتركة، فتراهم غرباء تحت سقف واحد.

جميلة: صراع الطفولة وحلم التحرر

جميلة هي أنثى تربت كي تصبح مطواعة، تلبي دون أن تناقش، وتسير دون أن تزل، وترتدي حلة فرضها عليها المجتمع، حلة ربما كانت لتناسب غيرها، لكنها حتماً لا تناسبها. فهي تعيش كما يفرض عليها المجتمع، لا تشبه ذاتها، بل لا تمت بصلة لذاتها. وكذا إيّار، فهو إنسان ضعيف يتصرف خلافاً لما يفكر خوفاً من المجتمع، وخوفاً من أن يُنبذ إذا اكتُشف اختلافه ورغبته في مغادرة الصورة المفروضة لما يجب أن تكون عليه الحياة، ولكنه يملك شيئاً من الحرية، فكونه رجلاً يتيح له ذلك. غالباً كان بإمكانه أن يعبر عن رغبته في رفض ما لا يريد، أو التعاطف مع ما يريد، وكان بإمكانه إظهار العطف والامتنان تجاه زوجته، إلا أنه فضل التزام الصمت، بالأحرى فعل ما شاهد العديد من الرجال يفعلونه، يعتزلون في معتركهم الخاص، راسمين وجوه الغضب، وكأنهم الوحيدون الذين يعانون في خضم الحياة.

لا تحاول الرواية إطلاق أحكام على شخصياتها، فكل منهم له أسبابه. بل نحاول فهم وجهات نظر مختلفة للأشخاص تبعاً لشخوصهم وأفكارهم وظروفهم، ونغوص في أعماقهم بنية كشف الأسباب التي تدفعهم للتحرك بالاتجاه الذي سلكوه.

رحلة الهروب: ليست من مكان، بل من قالب

جميلة تحاول الهرب، لكن ليس من مكان معين، بل تريد الإفلات من القالب الجاهز الذي وُضعت فيه دون أن يكون لها حرية الاختيار. فنراها تختار أسوأ طريق متاح لامرأة، لكنها لا تأبه أبداً، فهي ماضية تشق طريقها، عابرة مستنقعاً ضحلاً مليئاً بالـ"ضفادع البشرية" نحو آخر، حيثما تذهب تكتشف أن هناك أيضاً قالباً آخر جاهزاً لها، يحاول جعلها نسخة من مثيلاتها. من المستحيل أن تنجح امرأة في الإفلات من الصورة النمطية التي وُضعت حولها، ولكن على كل واحدة أن تحاول على أية حال. والمخيف بالنسبة لجميلة هو أن تتحول تدريجياً إلى صورة من أخريات، فتمارس بدورها الدكتاتورية والتسلط على غيرها من النساء كما فعلت أخريات في حياتها.

المستنقع ليس مكاناً محدداً، بل هو المجتمع وأغلاله، وتطلعاته نحو مسيرة القطيع كما يريد. أوليس من الأفضل للفرد أن يكسر قيوده؟ أن يعلن رفضه الصريح لما هو مفروض؟ ولو التزم الجميع الصمت، فأي منحنى ستتخذ الحياة، وبأي شكل ستبدو بعد عدة أعوام؟ نحن ماضون نحو الانحلال، ربما لا تقوم النساء بما قامت به جميلة، ولكنهن غالباً يلتزمن الصمت، وتحت ذلك الجو الأسري المشتت تُربّى أجيال جديدة بشكل أسوأ ونتيجة أفظع.

تحميل كتاب المستتقع PDF - أريج مناضل

هذا الكتاب من تأليف أريج مناضل و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها