تحميل كتاب الطعن أمام محكمة النقض في القضاء الإداري pdf الكاتب د. برهان زريق

مما لا شك فيه أن لكل موضوع مدخله النظري الذي يحكم مساره ويوجه خطواته، كما أن له منهجه الخاص وطرائق تحليله وفرضياته الخاصة التابعة من يد بنائه النظري.

والفروض والمناهج تنبع من الرؤية والنظريات، لكنها في الآن نفسه تغني هذه "النظريات وتزيدها إثراء، بل كثيراً ما تصحح النظرية وتعيد بنينة تصوراتها وبالمقابل، وبالمقابل فالمدخل النظرية هي المولدة للمناهج والطرائق وأدوات التحليل المحددة للأساليب، لا الرؤية تسبق الطرائق والطرائق تسبق الرؤية والنظريات بل - وهم في حال الاتساق والتعاون - كل في فلك يسبحون.

وهذه الحقائق لا شك - تقررها نظرية المعرفة (الايستيمولوجيا) وهي نظرية عامة تسوس البحث العلمي، بل هي الوليد الشرعي لعلم المنطق، وبذلك فهي تطبق على كافة فروع ومسالك العلوم، بما في ذلك علم القانون باعتباره أحد فروع العلوم الإنسانية والاجتماعية وهذا ما أكدها الدكتور عبد الله عبد الغني غانم بقوله: ((لا يمكن فهم الحقائق إلا من خلال سياق نظري، وأن ما يمكن فهمه أو التوصل إليه من حقائق على ضوء نظرية معينة يختلف عما يمكن فهمه أو التوصل إليه على ضوء نظرية أخرى، وبالتالي فالطرائق والأساليب ما لم تكن منبثقة ومستمدة من أفكار نظرية فالعلاقات التي يتم التوصل إليها تستنبط بطريقة ميكانيكية تفقدها معناها وتصبح غير ذات مغزى، وبالتالي فالمنهج باعتباره أسلوب البحث والفروض العلمية التي يتم اختيارها والبيانات التي يتم جمعها، تتشكل جميعها بالنظرية العلمية التي يتبناها الباحث)).

ولعلنا في هذا المقام نذكر القارئ بأن - وهو ما يتبع في الشريعة الإسلامية - التأصيل النظري والفلسفات هي أساس التأصيل العلمي والواقعي، أي أساس نظرية الممارسة والممارسة غير المحكومة.

بالأنظار والمقاصد والمبادئ العليا تبقى ركاماً وشتاتاً وشواشاً مبعثر الخطى، وممزق الأوصال وحقيقة الأمر إذا عانقنا وتعاملنا من طبائع الأشياء والنسب المركوزة فيها، كما يقول الفهامة ابن خلدون، أمكننا القول بمبدأ وحدة القيادة وهو مبدأ مشهور في علم الإدارة العامة لكنه مبدأ يجد ما صدقه في الحياة والتاريخ.

إذ تؤكد سنن التاريخ الفعل الذريع لوجود قيادتين لواقع واحد وهذا الأمر لا ينطبق على القيادة العضوية بل يتعداه إلى النشاط ذاته، إذ لا بد للأنشطة المتعددة المتعلقة بمنظومة واحدة من قيادة اشعاعية تتولى عملية الاتساق والترابط والتماسك والوحدة والانسجام بين أبعاض وعناصر المنظومة الواحدة تجنباً للشواش والاضطراب والتعسر.

هكذا دعت الحاجة إلى بلورة نظام محكمة النقض المدنية لتتولى الإشراف على توحيد القانون والسهر على حسن تطبيقه والكشف عن مدى القصور في القوانين ذاتها لسبب بسيط هو أن النص كثيراً ما يكون من عمل الذهن المجرد، ولا بد أن يجد ويصادف له ما صدق) من الواقع.

تحميل كتاب الطعن أمام محكمة النقض في القضاء الإداري PDF - د. برهان زريق

هذا الكتاب من تأليف د. برهان زريق و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها