تحميل كتاب سيرة شجاع pdf
تم جلب هذا الكتاب من موقع archive.org، وهو منشور بموجب ترخيص المشاع الإبداعي أو بإذن صريح من المؤلف أو دار النشر. في حال وجود اعتراض على النشر، يرجى التواصل معنا.
تحميل كتاب سيرة شجاع pdf الكاتب علي أحمد باكثير
ولم تكن أم الفضل تعلم حين أرسلت كلمتها تلك معربة عن قلقها على شقيقتها، أن شقيقتها قد تركت منذ ضحى ذلك اليوم دار الوزارة التى كان يقيم فيها شاور مع أهله وانتقلت بحاشيتها وخدمها وحشمها إلى "بيت سعيد السعداء" الذى يملكه زوجها والذى كان قد نزل بأهله فيه أول مقدمة من الصعيد قبل أن يلى الوزارة بقليل.
ولا كانت تعلم أيضا أن رجال ضرغام لم يتركوها بعد ما تركت لهم دار الوزارة، بل ظلوا يتعقبونها فى بيتها الجديد، فطرقوا بابه عليها ليلا فروعوها وروعوا حاشيتها، ثم اقتحموه، فطفقوا يفتشونه حجرة حجرة وركنا ركنا وهم يبحثون عن شاور لعله أن يكون مختبئا في، فلما لم يجدوا له أثرا، أقبل رئيس الجماعة نحوها فى وقاحة وسوء أدب فقال لها فى غلظة وتهديد: خبرينا الآن يا هذه.. أين هرب زوجك!
فاستشاطت أم سليمان غضبا وصاحت فى وجهه: قبح الله من أرسلك، ألم يجد رجلا غيرك يعرف كيف يخاطب النساء ويحترم آداب البيوت؟ -ويلك أما تعرفين من أنا؟
-من تكون؟
-أنا همام بن سوار أخو ضرغام الذى ألصق أنف زوجك بالرغام!
-حقا قد نم أصلك عن سوء أدبك.. والله لئن يكون أخوك مثلك ليكونن سبة هذا البلد إلى الأبد!
-آه لو لم تكونى امرأة!
-ماذا كنت تصنع أكثر مما صنعت؟
-خبرينى أين اختبأ زوجك؟
-لو كنتم تفقهون لعلمتم أن أبا سليمان لا يختبىء فى البيوت كالنساء.
-فأين ذهب؟
-يالك من أريب ألمعى! ترانى قابعة هنا فى بيتى وتسألنى أين ذهب، ذهب ليضرمها نارا عليكم!
-هيهات! لنمسكنه غدا فلنصلبنه على باب القنطرة!
-إن ظفرتم بأبى سليمان فلا تستشيرونى فيه!
فانتفض همام غضبا، وتهدج صوته وهو يقول متشفيا: إذن فاعلمى يا أم سليمان أن سليمان قد ذبح.
فانتفضت أم سليمان جزعا ثم تجلدت وقالت: إن يكن ما تقول حقا فلا بأس، قد بقى لى طىء وشجاع.
-وطئ أيضا قد ذبح!
فوجمت أم سليمان هنية ونظرت إلى من حولها من الحاشية فوجدتهم جميعا واجمين، وكأنما أشفقت أن يقول لها: "وشجاع أيضا" فصمتت ولم تجب، ولكن هماما مضى يقول: "ولولا أن ضرغام أخى قد غلبه الكرم وهزته الأريحية لألحق شجاعا أيضا بأخويه"!
وهنا استعبرت أم سليمان إذ قطعت هذه الجملة كل شك عندها فى صدق ما سمعت. فلو كان يريد ترويعها بالكذب لزعم لها أيضا ذبح شجاع. فلاذت بمنديلها تجفف به دمعها، ثم التفتت إلى همام وقالت له فى صوت هادئ.
-إذا رجعت إلى أخيك ضرغام فبلغه عنى السلام وقل له: تقول لك أم شجاع جزاك الله عن ابنها خيرا!
فأطرق همام لما سمع هذه الكلمة كأنما يلوم نفسه على ما بدر منه فى حق هذه السيدة الثكلى من الغلظة والجفاء، ثم رفع رأسه فى حياء وتمتم قائلا دون أن ينظر إليها: سأبلغه رسالتك يا أم سليمان!.. قال ذلك وأومأ إلى رجاله فخرجوا خلفه.
هذا الكتاب من تأليف علي أحمد باكثير و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
الملكية الفكرية محفوظة لمؤلف الكتاب المذكور.
في حالة وجود مشكلة بالكتاب الرجاء الإبلاغ من خلال أحد الروابط التالية:
بلّغ عن الكتاب
أو من خلال التواصل معنا
حقوق الكتب المنشورة عبر مكتبة فولة بوك محفوظة للمؤلفين ودور النشر
لا يتم نشر أي كتاب دون موافقة صريحة من المؤلف أو الجهة المالكة للحقوق
إذا تم نشر كتابك دون علمك أو بدون إذنك، يرجى الإبلاغ لإيقاف عرض الكتاب
بمراسلتنا مباشرة من هنــــــا