هربرت ماركوزه (1898 - 1979) Herbert Marcuse فيلسوف ومفكر ألماني أمريكي ،معروف بتنظيره لليسار الراديكالي وحركات اليسار الجديد ونقده الحاد للأنظمة القائمة. ولد في برلين لعائلة يهودية، خدم في الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الأولى ودرس في جامعتها وحصل على الدكتوراه من جامعة فرايبورغ عام 1922 وعمل بعدها لغاية عام 1928 في بيع الكتب ثم انضم إلى مساعدة مارتن هايدجر في دراساته، وكان منتسباً لمعهد الدراسات الاجتماعية في فرانكفورت (حيث انه كان يشكل جماعة فكرية ذات توجه ماركسي) لغاية عام 1933، حيث بعد استلام الحزب الاشتراكي القومي (الحزب النازي) السلططة قام الحزب بإغلاق المعهد وسافر ماركوزه بعدها إلى سويسرا لمدة عام ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وانضم إلى معهد الدراسات الاجتماعية هناك في جامعة كولومبيا عام 1934. عمل خلال الحرب العالمية الثانية في أجهزة الاستخبارات الحربية الأمريكية (مكتب المعلومات الحربية ومكتب الخدمات الاستراتيجية) حيث عمل في الدعاية المضادة للنازية وتفكيك النازية. خلال الخمسينات درّس الفلسفة والسياسة بشكل متتابع في جامعات كولمبيا وهارفارد وبرانديس وفي جامعتي كاليفورنيا. رغم أن ماركوزه غادر ألمانيا إلا أنه بقي عضواً في جماعة فرانكفوت الثقافية مع ماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو وكان يمثل الجناح اليساري فيها. تأثير ماركوزه على القيادات الطلابية ظهر في الاحتجاجات الطلابية التي عمت جامعات أميركا وأوروبا خلال أواخر عقد الستينات، وقد ركز في كتاباته على نقد الرأسمالية وتجديد الأطروحات الماركسية مثل أن أهم تهديد للأنظمة القائمة سيأتي من الطلاب والأقليات في المجتمع وليس من طبقة العمال التي تطويعها من خلال النمط الاستهلاكي وتحقيق احتياجتها السطحية لتكون خاضعة للأوضاع القائمة والتركيز على البعد الفردي خلال النسق الماركسي. توفي ماركوزه عام 1979 بسكتة دماغية أثناء زيارته لألمانيا وكان برفقته يورغان هابرماس وهو منظر من الجيل الثاني من جماعة فرانكفورت. كتب مجموعة من المقالات في الثلاثينيات من القرن الماضي، وخاصة كتابه: "العقل والثورة" (1941م)، داعيا إلى نظرية اجتماعية جدلية مناقضة للعلم الاجتماعي الوضعي كما عند أوجست كونت، وشتال، وفون شتاين خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي؛ لأنها كانت تماثل بين دراسة المجتمع ودراسة الطبيعة. وما يلاحظ على ماركوز أنه بنى نظريته الجدلية على أفكار هيجل، وحول فكر ماركس إلى هيجيلية راديكالية، فحصر اهتمامه في نقد أصول الفلسفة الوضعية والعلم الاجتماعي. وقد عرف ماركوز بعدائه الشديد للهيمنة التقنية، وكان يعتبر العقل المنغلق سببا في استلاب الإنسان، وتحويله إلى آلة انتاجية ليس إلا. ومن ثم، فقد بلور ماركوز فلسفة تشاؤمية بسبب اغتراب الإنسان في المجتمع الصناعي الحديث الذي تغلب عليه التقنية، ويضيع فيه الإنسان باعتباره ذاتا وكينونة ووجودا، وهي نفس النزعة التشاؤمية الموجودة عند ماكس فيبر، و يرجع هذا التشاؤم إلى شعور فئة معينة من المجتمع.أي: الشريحة العليا المثقفة من الطبقة الوسطى، أوالصفوة المثقفة بالإحباط وخيبة الأمل. وقد بين ماركوز في كتابه: "إنسان البعد الواحد" باختفاء الدور التاريخي الفعال للطبقة البورجوازية والطبقة البروليتارية على حد سواء، و هناك قوة واحدة مخفية متحكمة في مسار هاتين الطبقتين معا هي العقلانية العلمية التقنية. وليست هناك طبقة معارضة، فقد تم استيعاب الطبقة العاملة واسترضاؤها من خلال تحفيزات مادية استهلاكية، وترشيد عملية الإنتاج ذاتها. وقد أثارت أفكار ماركوز:"استجابة سريعة لدى حركة الطلبة الأمريكية في أواخر الستينيات بمعارضتها للنظام، ولدى حركات طلابية أخرى في دول أوروبية شتى إلى حدما. لكن الحركات الاجتماعية في ذلك الوقت كانت جميعها واقعة تحت تأثير تحليلات متنوعة عن البنية الطبقية المتغيرة، وعن مغزى التكنوقراطية والبيروقراطية، التي قدم علماء الاجتماع إسهامات ملحوظة بصددها".[9] وتتركز أفكار هربرت ماركوز سياسيا حول ثلاث قضايا شائكة: دور الطلاب في العالم الرأسمالي، والحركة الطلابية في فرنسا عام1968م، ودور الطبقة العاملة الحديثة في الغرب. هذا، وقد آمن ماركوز بقوى ثورية جديدة ستظهر في المستقبل داخل المجتمع الحديث، وسيتم التحرر الاجتماعي عن طريق الإشباع الجنسي كما يبين ذلك في كتابه: "الحب والحضارة". وقد برهن فيه سيكولوجيا : "بأن تجاوز الندرة المادية في المجتمعات الصناعية المتقدمة، سيخلق الشروط المناسبة لإحراز البشر هدفهم في السعادة من خلال التحرر الجنسي، وتفوق مبدأ المتعة، الذي تصوره كأساس للانعتاق الشامل المؤثر في كافة العلاقات الاجتماعية. عبر ماركوز عن آرائه في الفلسفة الاجتماعية من خلال أهم كتبه: العقل والثورة (بالإنجليزية: Reason and Revolution) 1941 دراسة جدلية في النظريات الاجتماعية لهيغل مع اعادة تفسيرها وتتبعها عبر كيركغور وفيورباخ وماركس وتبيين أثر هيغل في النظريات الاجتماعية خلال الثلاثينات وربطها بنشوء النظريات الفاشية. الحضارة والرغبة 1955 (بالإنجليزية: Eros and civilization) التأليف بين فرويد وماركس. الماركسية السوفياتية (بالإنجليزية: Soviet Marxism) 1958 في هذا الكتاب انتقد ماركوز التطبيق السوفياتي للماركسية واشار إلى اتجاهات تحررية داخل النظام السوفياتي تححققت في الثمانينات في عهد غورباتشوف. الإنسان ذو البعد الواحد One Dimentional Man 1964، وهو أهم أعماله على الإطلاق بحيث وجه فيه نقداً مشتركاً للمجتمعات الرأسمالية والشيوعية بحيث ان المجتمعات الصناعية الحديثة خلقت احتياجات وهمية للإنسان ومن خلال أجهزة الاعلام والإعلانات تم توجيه جميع الأفراد للفكر اللاستهلاكي.