ولد علي (شهر علاّلة) بن عبد العزيز البلهوان في 13 أفريل 1909 بمسكن عائلته الكائن بنهج سيدي بن عروس عدد 64 بمدينة تونس، وهو ينحدر من أسرة تونسية من أصل تركي. ولمّا بلغ سنّ الدراسة التحق بكتاب بطحاء رمضان باي القريب من مقرّ سكناه، حيث حفظ نصيبا من القرآن الكريم وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة. ثم انتقل إلى مدرسة بطحاء خير الدين حيث زاول دراسته الابتدائية من أكتوبر 1917 إلى جوان 1924، تاريخ حصوله على الشّهادة الابتدائية ونجاحه في مناظرة دخول المعهد الصادقي الذي واصل به دراسته الثّانوية من مستهلّ السّنة الدّراسية 1924 - 1925 إلى أن أحرز شهادة ختم الدروس الثانوية في جوان 1930. ثم التحق بمعهد كارنو حيث حصل في جوان 1931 على الجزء الأول من شهادة الباكالوريا، واسترعى في أثناء فترة الدّراسة انتباه أساتذته وأقرانه بحسن سلوكه وذكائه الوقّاد وقدرته على الاستيعاب.
وإثر ذلك تحوّل الشّاب علي البلهوان إلى باريس لاتمام دراسته الثّانوية ومواصلة دراسته العليا. وبعد حصوله على الجزء الثاني من الباكالوريا في جوان 1932، التحق في مستهلّ السنة الجامعية 1932 - 1933 بكلية الآداب التّابعة لجامعة الصّربون حيث زاول دراسته في قسم اللغة والاداب العربية وتتلمذ لنخبة من المستشرقين الفرنسيين أمثال ليفي بروفنسال وريجيس بلاشير وويليام مارسي. وإلى جانب دروس اللّغة العربية تابع في الكلية نفسها دروس الفلسفة وانتسب إلى مدرسة اللّغات الشرقية بصفة مستمع حرّ. وبفضل اجتهاده وإقباله على طلب العلم تمكّن في ظرف ثلاث سنوات جامعية من إحراز الآجازة في اللّغة والاداب العربيّة في جوان 1935. وكان ينوي مواصلة إقامته بباريس للمشاركة في مناظرة التبريز في اللغة والاداب العربية، لا سيما بعد نجاح أوّل تونسي في هذه المناظرة، هو الأستاذ محمّد عطيّة. لكنّ الظروف الماديّة لم تسمح له بتحقيق رغبته.
ولم يمنعه انشغاله بطلب العلم من النّضال في سبيل تحرير وطنه الرازح عهدئذ تحت نير الاستعمار الفرنسي. فقد انخرط منذ قدومه إلى باريس في سلك جمعيّة طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا، تلك الجمعيّة التي انبعثت منذ عهد قريب بباريس لتوجيه طلبة المغرب العربي المقيمين بفرنسا توجيها وطنيّا. ونظرا إلى ما كان يمتاز به علي البلهوان من قدرة على العمل في سبيل المصلحة الوطنية، فقد انتخبه زملاؤه في السنة الجامعية 1931 - 1933 عضوا في الهيئة المديرة للجمعية المذكورة ثم انتخب في السّنة الجامعيّة 1934 - 1935 نائبا لرئيس جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا، وكان رئيسها آنذاك صديقه الحبيب ثامر.
ولقد أسهم علي البلهوان في جميع المؤتمرات السّنويّة التي كانت تعقدها هذه الجمعية سواء في إحدى مدن المغرب العربي أو في باريس، من ذلك أنّه شارك في المؤتمر الأول المنعقد في قاعة الجمعية الخلدونية بتونس في شهر أوت 1931، وعيّن عضوا في لجنة التّعليم العالي ولجنة التعليم العربي مع صديقه المنجي سليم. ثم شارك في المؤتمر الثّاني المنعقد بمدينة الجزائر في شهر أوت 1932 وانتخب مقرّرا للجنة التعليم العربي، وشارك في المؤتمر الثّالث المنعقد بباريس في ديسمبر 1933. وأخيرا شارك في المؤتمر الرّابع المنعقد بتونس في أكتوبر 1934، والمؤتمر الخامس المنعقد بتلمسان في سبتمبر 1935. وتناول الكلمة في الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر للردّ على رئيس بلدية تلمسان الفرنسي الذي انتقد رئيس المؤتمر الحبيب ثامر، متّهما إياه بالجحود وعدم الاعتراف بالجميل لفرنسا، كما شارك، نيابة عن الجمعيّة، في المؤتمر الدّولي المناهض للحرب والفاشية، المنعقد بمدينة بروكسال في ديسمبر 1934، وألقى خطابا باسم جميع طلبة المستعمرات الفرنسيّة.
وإلى جانب نشاطه في جمعيّة طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا، انضم إلى جمعيّة نجم الشمال الافريقي التي كانت تجمع بين طلبة المغرب العربي وعمّاله المقيمين بفرنسا، كما انتخب عضوا في "لجنة الدفاع عن الحريات بتونس" التي أنشأها الحزب الدستوري الجديد بباريس إثر إبعاد زعمائه إلى الجنوب التونسي في 3 سبتمبر 1934، وذلك للتّشهير بالسّياسة القمعيّة التي كان ينتهجها المقيم العام الفرنسي بيروطون. وكان يترأس هذه اللّجنة سليمان بن سليمان، ويقوم بمهام الكاتب العام الهادي نويرة. ومن أعضائها الاخرين محمود المسعدي و أحمد عبد الوهاب بكير وصلاح الدين بوشوشة. أما الشّعبة الدّستورية التّابعة للحزب الدّستوري الجديد، فإنّها لم تبعث إلاّ في ديسمبر 1936، أي بعد عودة البلهوان إلى تونس.