و اليوم يطل علينا أبو رغال في صورة المثقف حين يتخلى عن دوره النبيل ورسالته القيمية التي زعم أنه منذور لأجلها، فيسحب روحه الناقدة، وقلمه المسائل والمجادل من المعترك ليغازل الانحلال والاستلاب وقبضة الفساد التي تخنق المجتمع المعاصر.
لم تعد النجومية والشهرة وثيقة الصلة بالتميز و التفرد والجهد الاستثنائي المبذول في حقل معرفي أو فني, بقدر ما أصبحت نتاج آلة دعائية ضخمة، تصنع من أي فرد مغمور نجما ساطعا خلال فترة وجيزة، وعبر تقنيات وأساليب محكمة، تجعل من الوجه والجسد إنجازا في حد ذاته لا يضاهيه أي إنجاز آخر !
هذه القوانين إنما تسعى في الغالب إلى صيانة الحد الأدنى من القيم، والذي بدونه يصبح المجتمع عرضة للتفسخ والانحلال. بينما يُترك لقوالب التهذيب الأخلاقي السائدة داخله مهمة تحقيق التنشئة الاجتماعية السليمة، وإلزام الفرد بالولاء لبناء قيمي يسمو بكيانه ويرقى بفكره وسلوكه.
أصبح ما يسميه جيل ليبوفيتسكي "الاستثمار الزائد للحب " عنوانا على مرحلة جديدة، لا تطمح فيها النفوس لغير سعادة قوامها الحب والاكتمال الحميمي، حتى وإن تطلب الأمر ثورة على القيم و المُثل، وتفجيرا للنشاط الجنسي خارج مؤسسة الزواج، وقفزة نوعية في أعداد المواليد غير الشرعيين !