تحميل كتاب تعلمت من هؤلاء pdf الكاتب حاتم سلامة

كانت الغاية التي ساقتني لرصد هذه المواقف من حياة الأدباء، أن أجلي فيها بعض ما كان فيهم من سمات الرقي الإنساني، حتى يكونوا قدوة، نستلهم منهم العبرة الإنسانية، كما منحونا العبرة الأدبية.

وإذا كان هناك من يعظمونهم في مسارهم الأدبي، ويكبرون في عقولهم مواهب الفكر وتألق العقل، فقد أردت بهذه السياحة في عالمهم أن أقول للناس: إن هذه الثقافة، وهذا الأدب، وهذه المعرفة، كانت لها ما يعكسها من جوانب العظمة الإنسانية على المستوى الأخلاقي والسلوكي.

لقد أردت بهذا الذكر، إحياء هذه الأسماء في معالم القدوة الإنسانية، والفضيلة البشرية، كما يحيون كقدوة في ميدان الإبداع الأدبي والمعرفي.. وإنها محاولة في حقيقتها تريد أن تستجلي كثيرا من الحقائق التي ترتقي بالنوابغ والعباقرة إلى مرتبة العظماء، حينما تتطلب العظمة ذلك الامتياز والتفوق في كل الميادين الإنسانية والعلمية.

بل أردنا أن يقترب الناس من نفوس هؤلاء العظماء، ويتعرفوا على ظروف نشأتهم ومعالم جهادهم وكفاحهم، ليستلهموا منهم العبرة والسبيل لنيل المعالي، وتحقيق الطموح.

بل كان في حياة هؤلاء مما وجدناه من أفعالهم ومواقفهم، أشياء لا يلتفت إليها الناس ولا تسترعي اهتمامهم، وإذا بها حينما سلطنا عليها الضوء، ودللنا على كثير من مراميها ودلائلها، خرجت منها إفادات عظيمة، ودروس رائقة، ومعان سامية، ودلائل هادية للعقل والذوق والخلق والقيم.

بل أوقن تمام اليقين، أن استخراج العبرة من حياة هؤلاء، وتسليط الضوء النافذ حول طبائع نفوسهم، مما يعضد الاعتداد بفلسفات إبداعهم، ويجعل القارئ حينما يقرأ لهم، لا يقرأ إلا وتصاحبه مشاعر الإكبار لهؤلاء الذين كانت لهم في الحياة حياة لا تقل رقيا وسموا عما قاله ونظموه ولقنوه.

لقد كانوا بشرا كالبشر، تجري عليهم ما يجري على كل النفوس من الأخطاء والهنات، ولكن الموهبة القاهرة التي غلبت على عقولهم، ونطقت بها مشاعرهم، وعبرت عنها أقلامهم، استطاعت أن تخلق فيهم حياة تختلف في كثير من معالمها عن حياة الناس، بما أوعزت من جميل الذكريات، وما سجلت من كريم المواقف والأحداث.

يمكن لك أن تقرأ موقفا من مواقفهم، ويخيل إليك أنك تعرفه، وليس فيما طرحناه عليك شيئا جديدا، لكنك لا شك حينما تقرأ تعليقنا واستلهامنا لهذه المواقف، وتدرك البعد الذي أجملناها فيه، ستعرف أن الجديد الحقيقي، فيما أبصرناه لك من الدروس المستفادة، التي خفيت على الذهن والعقل، ووظفناها فيما أحت به إلينا من مسار القدوة والقيمة الإنسانية، وأننا أتعبنا أنفسنا ونحن نرصد هذه المواقف بكثير من التأمل، حتى نخرج إليك بصورة ناصعة، تجسد لك جوابا مهما حول هذا الألمعي أو ذاك العبقري، كيف كان يحيى، وكيف كان يعيش بين الناس.؟

لقد كان كل درس من هذه الدروس كفيل أن يمنحني القناعة أن أهتم به، وأحييه أمام عينيك، وأقول لك مذكرا وداعيا: تعلم من هذا واستفد، كما تعلمت أنا واستفدت.

هذا كتاب قيم يرصد معالم الإنسانية في حياة الكتاب من المفكرين والأدباء، نريد منه أن نبعث برسالة مهمة، تعكس هذا التحول الكبير الذي تحدثه الثقافة في حياة الإنسان، ليكون نموذجًا فريدًا ويكون مميزا.

وبعد إذن يا قارئي، فهل تراني لمست الأدب من قريب أو بعيد، وهل ترى كتابي هذا يحسب في تيار الأدب رغم أنه يتحدث عن نماذج الفضيلة في الحياة، ويرنو سلوك المجدين نحو الذرى فيها.؟

ولكن أخي ما الأدب في غايته إلا رقي الذوق والفكر وسمو العقل والقلب، ورفعة الموقف والتصرف؟.

إن أديباً لا تنفعه الكلمات بشيء لا أدب له، وعظماؤنا الذين بين يديك، كانوا أئمة في أدب النفس قبل أن يكونوا أئمة في أدب اللسان.. ومن هنا رأيت أو أعد مثل هذا الكتاب بما يحمل من سمات الإنسانية، استكمالا للعمل الأدبي، أو عملا يدخل في صميم الأدب عند من لا يفصلون بين الأديب ونفسه، وبين الأديب وسلوكه.

وإن الإبداع لا ينفصل أبدا عن الظروف والأحوال المحيطة به، فهي التي أثمرته وتسببت فيه، وفي معرفتك لنفس الأديب وخلقه وذاته، تكتمل لك الصورة الأدبية في أبهى معانيها وسمو مقاصدها.

#حاتم إبراهيم سلامة

تحميل كتاب تعلمت من هؤلاء PDF - حاتم سلامة

هذا الكتاب من تأليف حاتم سلامة و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها