تحميل كتاب بانوراما أخبار المسرح المصري 1925-1928 pdf الكاتب نجيب سرور

في بدايات العقد الأخير من القرن العشرين(التسعينيات) كنا في إحدي المخيمات اليسارية ببيروت لبنان العريقة، وكنت ،حينئذ ، في نهايات العقد الثاني من عمري؛ فتًى يساريًا متحمسًا ، في التاسعة عشر من عمره، جاء لتوه من مصر، في أول رحلة له خارج البلاد، وما أن وطأت قدمي أرض المخيم، حتى سمعت لأول مرة أبيات شعر وقعت في أذن ي، فأثرت بنفسي، وأسرت روحي:

"لا حق لحي إن ضاعت في الأرض 
حقوق الأموات.. 
لا حق لميت إن ه تكت عرض الكلمات.. 
إن كان عذاب الموت.. 
قد أصبح سلعًا.. 
أو أحجبة.. 
أو أيقونه.. 
فعلى العصر اللعنة . . 
والطوفان قريب.." 

فسألت من ألقى هذه السطور الشعرية عن كاتب هذه السطور، فنظر إليَّ متعجبَا، وقال لي بلهجته البيروتية الشامية، "من مصر، ولا تعرف من قالها؟!"، "إنه نجيب سرور يا زلمة!!".. 

كنت أول مرة أسمع اسم نجيب سرور، مع ولعي ، وتبحري،النسبي ، وقتئذ بعالم الأدب في مصر خاصة، فعلمت أن هذا الشاعر العظيم له قصة، وأن قصته واسمه وشعره كانوا محل تشويش وتعمية وتجهيل بمصر، فأخذت في البحث عن نجيب سرور، فوقعت في يدي طبعة بيروتية من ديوانيه"لزوم ما يلزم" و"برتوكولات حكماء ريش" فعكفت على قرائتهما، فإذا بي أمام شاعرفذٍ، ليس فقط بمجال الصياغة الشعرية من شكل جديد ، ولكنه مضمون بكر لم يسبقه إليه أحد. 

وأخذت بسؤال الرفاق الشوام عن نجيب سرور، وقصته، فعلمت الكثير عن مأساته الشخصية، والتي كان سببها الأول؛ عدم انفصام ما يعتقده نجيب سرور عن قوله وفعله وحتى ممارسات يومه الصغيرة، هذا التطابق بين الاعتقاد والممارسة في بلادنا هو تذكرة الدخول لأبواب الجحيم الدنيوية، وذلك العالم السفلي لممارسات السلطوية التي لن ترحم شاعرً ا يسار يًا صادق ا مؤم نًا كل الإيمان بقضيته، وحريصًا على طرحها كشاعر وممثل ومخرج ومؤلف مسرحي وناقد وأستاذ لفنون المسر ح، وعلمت ساعتها لماذا كان نجيب سرور ومنجزه محل تجهيل وتعمية من قبل الأنظمة السلطوية في عالمنا الرأسمالي المتوحش. 

وحينما عدت إلى القاهرة، عكفت على قراءة ما أتيح لي من مسرحيات مطبوعة لنجيب سرور، فوقعت على رباعيته المسرحية الشهيرة، فزاد يقيني بعبقرية هذا العملاق. 

علمت الكثير والكثير حينما طالعت رباعياته الهجائية غير المسبوقة في تاريخ الأدب قديمه وحديثه"أميات"، وكنا وقتها في مرحلة غليان سياسي وحراك اجتماعي بدأ في 2005 بحركة"كفاية" وانتهت بذلك الحراك الثوري المجهض ب 25 يناير 2011 ، وكانت "أميات" توزع كمنش ورات سرية على رفاق الحراك، وكانت نبوءة صادقة لما سيحدث وما حدث بالفعل. 

كان "نجيب سرور" أيقونة روحي وفكري، ربما فقط على النظاق التنظيري، فلا طاقة لي على هذا التطابق الصارم بين الاعتقاد والممارسة كما فعل نجيب! 

وفي يناير 2022 ، تموت "ساشا كورساكوفا"، زوج نجيب سرور وحافظة خزينته الأدبية وناشرتها الأولى ، إيزيس العصر الحديث ، في أجواء حزينة مأساوية، فأتعرف على الأستاذ "فريد نجيب سرور" أعلم ساعتها أن روح نجيب سرور قد اختصني بدور وبرسالة، وبالفعل يعلن "فريد سرور" مشروعه لرقمنة تراث "نجيب سرور"، فأجد نفسي مدفوعًا بقوة للمشاركة ، وأنا كهل في نهاية الأربعينيات من عمري. 

فإذا بي أمام كنز من المخطوطات التي تحمل أفكار ومعتقدات "نجيب سرور" الشعرية والمسرحية والنقدية، مخطوطات تربو عن الخمسين ألف ورقة، تحتوي على المسودات والأعمال الكاملة وحتى الوريقات الصغيرة المتناثرة التي كان يكتب عليها "نجيب سرور"، كعادته حينما يكون في مكان غير ملائم للكتابة.

هذا الخزانة تعد بتقديم الجديد من أعمال لم يعرفها القارئ العربي من قبل لنجيب سررو، فإذا بي أمام مخطوطة مكونة من مئة وثلاثين ورقة، بخط "نجيب سرور" تحتوي على أخبار المسرح المصري؛ نشأته ومؤسسيه وفرقه ورعيله الأول من الممثلين، وتاريخه وتطوره ، وتأثر ذلك كله بالبنية الاجتماعية، وموجهاتها الحاسمة من عوامل اقتصادية وسياسية، فإذا بي أمام صفة جديدة تضاف لنجيب سرور الشاعر، والمسرحي الشامل، والناقد، وأستاذ المسرح، وهي صفة المصنف والمبوب والجامع لأخبار تمت للمسرح من شتات الصحف والمجلات في الفترة من 1925 إلى 1928 ، فيكون نجيب سرور "بانوراما" لأخبار المسرح، تعطي فكرة كاملة وشامله عما أراد أن يرسمه نجيب سرور للمسرح المصري، وتطوره، وما صحبه من تجليات رائدة وأمرض قاتلة في الوقت ذاته.

فأنت يا عزيزي القارئ أمام عمل جديد يضاف لببلوجرافيا الأستاذ نجيب سرور الموسوعية، ولقد تجرأت وسميته"بانوراما أخبار المسرح المصري، 1925 - 1928 "، لا أريد التحدث عن العمل، وإنما أريدك أنت يا عزيزي أن تكتشف ما اكتشفته من روعه التصنيف والترتيب والجمع، لتصل في النهاية لما أراد نجيب سرور أن يوصله للأجيال المعاصرة والقادمة المهتمة بالمسرح والفن والأدب عامة.
محمد أحمد فرحات - الشهداء - 17 نوفمبر 2022

هذا الكتاب من تحرير وتحقيق وتقديم: محمد فرحات

تحميل كتاب بانوراما أخبار المسرح المصري 1925-1928 PDF - نجيب سرور

هذا الكتاب من تأليف نجيب سرور و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها