تحميل كتاب يوتوبيا pdf الكاتب أحمد خالد توفيق

كيف ستكون مصر عام 2023؟
لقد عزَلَ الأغنياء أنفسهم في »يوتوبيا« الساحل الشمالي تحت حراسة المارينز 
الأمريكيين؛ يتعاطون المخدرات ويمارسون المُتع المحرمة إلى أقصاها، بينما 
ينسحق الفقراء خارجها ينهش بعضهم لحم بعض من أجل العيش، دونما 
كهرباء أو صرف صحي أو رعاية طبية من أي نوع. ولكن حين يتسلل الراوي 
وصديقته »جرمينال« خارج »يوتوبيا« بدافع الملل وبحثًا عن »صيد بشري« 
مناسب يحدث ما يُهدد الوضع المستقر بالانفجار.
فيما يُشبه هول عالمات يوم القيامة، تدقُّ هذه الرواية المثيرة ناقوس الخطر، 
تكاد تشكُّ إذ تنهيها أهي بالفعل رواية متخيلة، أم إن كاتبها تسلل من 
المستقبل القريب لينقل لك هوله بحياد مُذهل؟ 

وإليكم هذه المداخلة الفنية الموجزة حول رواية يوتوبيا بقلم الروائي السوري فرحان ريدان:

سارد يوتوبيا  –  بقلم فرحان ريدان

السارد هو الشخص الذي يروي الحكاية.
مَن ساردُ يوتوبيا ؟ يجيبُ السارد :

( مَن أنا ؟ دعْنا من الأسماء .ما قيمة الأسماء عندما لا تختلف عن أي واحد آخر؟) 
وبذلك فإن الكاتب يقوم ب ِ تعميم الشخصية : بمعنى أن هذه الشخصية ليست 
حالة فردية بقدر ما أنها تمثل جيلاً ، رغم أننا نعرف فيما بعد اسمَ السارد 
وأن أمه لارين وأنه ابن الرجل الثري مراد . ويخاطب الساردُ  نفسَه : 
( ستة عشر عاما من عمرك وأنت لا تنتمي إلا إلى يوتوبيا ..أنتَ مواطن يوتوباوي 
ذوبتكَ الحياة المترفة ، وذوبك َالمللُ فصرت َلا تعرف الأمريكي من المصري 
من الإسرائيلي .. لولا بقايا الشهوة في عروقك لما عرفتَ الذكَر من الأنثى )

السارد ،إذن ، من يوتوبيا وهو يسردُ الحكاية من داخلها ، وهو من شخوص الحكاية
وهذا يطرح إشكالية على المستوى الفني : فهذا السارد يسردُ نفسه ويسرد الآخرين :
إنه سارد ومسرود ، ومن هنا تنبثق إشكاليته . ويتابع الساردُ : 
( في سني الصغيرة نسبياً كوَّنتُ قناعة لا بأس بها هي أنه لا جديد تحت الشمس .. 
عاشرت ُ كل فتاة راقت لي .. جرَّبتُ كل أنواع المخدرات بدأت تجاربي بالماريجوانا
جربت ُ عقار أل. أس. دي ..مشكلة هذا الأخير أنك لا تضمن أن تظل حياً حتى تفيق  .. من كل مجموعة لا بد من واحد لا يتعاطاه كي يراقب الآخرين يطلقون عليه اسم حارس الرحلة . عندما تتسلل الأيوفوريا إلى عقولهم يكون الوثب من الشرفة أو إشعال النار في النفس أموراً منطقية جداً ..) ويجاهرُ الساردُ :

( لم يعتدْ أبواي مراقبتي .. لا أحد َيتدخل في حياتي )

(أخبرت ُلارين أن سوزان حبلى .. قالت في ضيق :
ألا تفعل شيئا سوى النوم مع الفتيات .. أنتَ تفعل هذا بداعي الملل ..)

إنه جيل تائه ، وضائع ، لا وهجَ في الروح ولا قيم أو عاطفة أو وازع في النفس.

ولكن ماهي هذه المدينة المسماة يوتوبيا ، وأين تقعُ ؟ يجيبُ الساردُ:
هي ( المستعمرة المنعزلة التي كونها الأثرياء على الساحل الشمالي ليحْموا أنفسهم 
من بحر الفقراء الغاضب بالخارج .. يمكنك أن ترى معي معالمها ..البوابات 
العملاقة ..السلك المكهرب ..دوريات الحراسة التي تقوم بها شركة سيفكو 
التي يتكون أكثر العاملين فيها من  مارينز متقاعدين ..أحيانا يحاول أحد 
الفقراء التسلل للداخل من دون تصريح فتلاحقه طائرة الهليوكوبتر وتقتله 
كما حدث في ذلك المشهد الذي لا يفارق خيالي ) ... 
( بعد هذا منطقة الحدائق .. منطقة المدارس .. منطقة دور العبادة ... 
منطقة المولات ثم ترى القصور ..ثم المطار الداخلي ) . 
ويوجز  السارد رأيه في يوتوبيا كما يراها :
( إنها يوتوبيا حيث يضنيك البحث عن طريقة تزجي بها كل دقيقة من حياتك )

( في يوتوبيا يتوارى الموت خلف الأسلاك الشائكة )

ما إن ننظر في يقظة إلى هذه المقاطع حتى ندرك حجم الضياع والانهيار الأخلاقي
الذي يتفشّى كالوباء في مفاصل هذه المدينة . ورغم أن كلمة يوتوبيا تحيل الذاكرة
إلى ما هو طوباوي كأن نعتقد أن الحديث يتعلق بمدينة خيالية ، إلا أن ما يجري فيها
أحداث حقيقية ، تتجاوز ، بواقعيتها ، كل َّ ما كنا نتخيله.

يوتوبيا مدننا التي تنهار وتتداعى في مسيرتها الغرائبية نحو المهاوي.

يوتوبيا حكاية جاذبة وموجعة ، تحذرنا ، وتوقظ فينا أسئلة جوهرية
وهذا مَكْمن قوتها ، وسِرُّ اهتمام القراء بها.

هذا الكتاب من تأليف أحمد خالد توفيق و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها