تحميل كتاب مجلة القلم - العدد الثالث عشر pdf

ملاحظة: نُشر هذا الكتاب على موقع فولة بوك بإذن صريح من دار النشر
معاينة الكتاب أو تحميله للإستخدام الشخصي فقط وأي صلاحيات أخرى يجب أخذ إذن من دار النشر

مجلة القلم - العدد الثالث عشر

تحميل كتاب مجلة القلم - العدد الثالث عشر pdf الكاتب مجلة القلم

ربما يُجمع الكثير منّا على وصف زمننا الحالي بأنه زمن التفاهة، وذلك لأن التفاهة باتت تملأ حياة الكثيرين، وتتمدد وتحتل مساحة أوسع في دائرة اهتمامات الناس على حساب أمور أكثر أهمية.

وهي حالة أشبه بحالة الإنفلونزا الموسمية التي تنتقل من شخص لآخر وتصيبه بالعدوى، فايروس لا يفرق بين رجل أو امرأة، بين مراهق أو شخص بالغ، بين حملة الشهادات العليا أو الأشخاص الأقل حظ ا في التعليم، فالجميع عرضة لأن تصيبه العدوى حتى دون أن يشعر بأنه تحول إلى شخص مصاب بها أو ناقل لها.

لو قدر لي العودة بالزمن، وأن أتجول في شوارع القاهرة في مطلع القرن العشرين، والمرور من أمام مقهى الفيشاوي الشهير بالقاهرة، أو العبور من شارع المتنبي في بغداد، والجلوس في مقهى (الشابندر) لاحتساء فنجان من القهوة، لكنت سألتقي حتما ببعض من رموز الثقافة والأدب حينها وهم يجلسون هناك، يتحاورون حول قضايا الأمة، وأحوال المجتمع، ويناقشون الأحداث الجارية على الساحة العالمية.

ليخرج بعدها كل أديب منهم بوجهة نظر أو بقناعة ما، تلهمه لكتابة مقال، أو لتأليف رواية تطرح فكرة، أو تتضمن فلسفة؛ ليتلقفها قارئ نهم يتوق للقراءة والاطلاع والمعرفة، ولتدافع النقّاد لاقتناء نسختهم الخاصة، ومن ثم الجلوس لأيام لاستنباط المعنى الظاهر والخفي، ما كتب على السطور وما بين السطور، والبحث عن الرمزية فيما وراء كل إشارة.

هناك من يقول بضرورة أن يكتب الأدب من أجل الأدب، وأن الغاية من الأدب هو الإبداع ولا شيء آخر.

وأنا لا أتفق مع هذا الرأي الذي يفرغ الأدب من معناه ومن رسالته، ويحوله إلى مجرّد ساحة للتنافس ما بين الأدباء دون أن يقدم أي فكرة، أو يطرح أي وجهة نظر، أو يصوغ أي فلسفة، أو حتى يحاول وصف المشاعر الإنسانية بشكل صادق وعميق.

وقد نتفق على أن النتاج الأدبي المعاصر لم يقدم سوى القليل من الأعمال التي قد تمثل قيمة أدبية أو فكرية ملفته..!

فهل نشهد اليوم أعراض إصابة الوسط الأدبي بهذا (الفايروس)..؟

ولنجيب على هذا التساؤل: علينا أن نطرح سؤالا آخر حول المواضيع التي تتم مناقشتها في أوساط الكتّاب والمؤلفين في وقتنا الحالي وعن اهتماماتهم..؟ وعن نوعية المؤلفات التي تطرح في الأسواق كل عام..؟ ناهيك عن مستوى هذه المؤلفات من حيث اللغة والسرد، والأخطاء الفادحة..!

الرواية الخيالية على سبيل المثال، هي أحد فروع الرواية، ولا بأس من تواجد من يميل لتأليف هذا النوع من الأدب، ولكن الإشكالية في أن تسيطر هذه النوعية من الروايات على الساحة، وتزاحم الروايات ذات البعد الفلسفي والاجتماعي والإنساني على رفوف المكتبات.

اهتمامات الكاتب وثقافته وسعة اطلاعه تنعكس حتما على كل مؤلفاته، وتمكنه من توظيف كل تلك المعرفة في أحداث روايته؛ بل وتمنحه أفكار وخيارات واسعة للتأليف.

حضرت في أحد المرات صالون استضاف أحد الكاتبات لمناقشة روايتها، والتي كانت تدور حول شخصية مصابة بحالة (ثنائي القطب) نتيجة للفقر الذي عانت منه.

دخلت المؤلفة إلى الصالون وهي تحمل في يدها كوبا من القهوة -تماشيا مع تلك الصورة النمطية- ودون أن تلقي التحية على الحضور، أو أن تلتفت إلى أحد، ولكن لسوء حظ الكاتبة في تلك الأمسية، أن الضيف المشارك في الحوار، كانت طبيبة نفسية، والتي بجملة واحدة منها نسفت روايتها بالكامل، حين قدمت رأيها كطبيبة نفسية وأوضحت بأن مرض (ثنائي القطب) حالة مرضية تنشأ عن عوامل بيولوجية أو وراثية، وأن الظروف الخارجية من صدمات أو معاناة لا علاقة لها بالأمر..!

وأتساءل.. كيف لكاتب أن يقوم بتأليف رواية دون أن يكلف نفسه عناء البحث جيد ا حول الفكرة قبل إهدار وقته وجهده في التأليف..؟

وفي مثل هذه الحالة، ومهما بلغت براعة الكاتبة في السرد واللغة؛ فإن الرواية تعد فاشلة، لأنها بنيت على أساس خاطئ، وبسبب الفقر المعرفي الذي تعاني منه الكاتبة لا بطلة الرواية.

فبالرغم من أن الرواية في حقيقتها مجرد أحداث من نسج خيال المؤلف؛ إلا أنها لا يمكن أن تتجاهل الحقائق، أو أن تتجاوز المنطق بأي حال.

الأدب ليس مجرد فن، ولا يهدف إلى تقديم مجرد المتعة للقارئ -كما يحاول البعض وضعه في هذا الإطار- خاصة أننا نعيش في عصر تعددت فيه وسائل الترفيه، والتي تقدم مستويات أعلى من المتعة، متجاوزة بذلك المتعة التي قد نجدها لمجرد الجلوس على أريكة لساعات وتصفح كتاب، إلا إن كان الكتاب يقدم لنا شيء أكثر من مجرد متعة، كتاب يقدم لنا فكرة..!

لقد رأينا كيف تحولت كلمات الجيل الراحل من الكتّاب والأدباء إلى شعارات، وكيف تحولت أقوالهم إلى حكم، وأفكارهم إلى منهج لأجيال لاحقة.

وعلى كل كاتب منّا أن يسأل نفسه: ما الإرث الذي قد أتركه من بعدي للجيل التالي..؟ وعليه أن يكتسب مناعة ضد إنفلونزا التفاهة بالغوص في الأفكار العميقة، وأن ينشغل بالاهتمامات ذات القيمة.

وهذه كانت كلمة العدد، بقلم رئيس التحرير: سمير عالم

تحميل كتاب مجلة القلم - العدد الثالث عشر PDF - مجلة القلم

هذا الكتاب من تأليف مجلة القلم و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها

الملكية الفكرية محفوظة لمؤلف الكتاب المذكور.
في حالة وجود مشكلة بالكتاب الرجاء الإبلاغ من خلال أحد الروابط التالية:
بلّغ عن الكتاب أو من خلال التواصل معنا


حقوق الكتب المنشورة عبر مكتبة فولة بوك محفوظة للمؤلفين ودور النشر
لا يتم نشر أي كتاب دون موافقة صريحة من المؤلف أو الجهة المالكة للحقوق
إذا تم نشر كتابك دون علمك أو بدون إذنك، يرجى الإبلاغ لإيقاف عرض الكتاب
بمراسلتنا مباشرة من هنــــــا