تحميل كتاب دهاليز المؤسسات - فلسفة الاختلالات الإدارية وغياب الحوكمة pdf

ملاحظة: نُشر هذا الكتاب على موقع فولة بوك بإذن صريح من المؤلف
معاينة الكتاب أو تحميله للإستخدام الشخصي فقط وأي صلاحيات أخرى يجب أخذ إذن من المؤلف

دهاليز المؤسسات - فلسفة الاختلالات الإدارية وغياب الحوكمة

تحميل كتاب دهاليز المؤسسات - فلسفة الاختلالات الإدارية وغياب الحوكمة pdf الكاتب د. أنور عبد الله ليمان

تعدّ المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص في صورتها المثالية إدارات تنظيمية تعمل وفق قواعد واضحة، وهياكل راسخة، ومسارات اتخاذ قرار تستند إلى المعرفة والمسؤولية والشفافية. غير أن الواقع العملي كثيرًا ما يكشف عن صورة موازية: مسارات تنشأ داخلها غير رسمية، ومراكز تأثير غير معلنة، وأنماط سلوك تتجاوز المألوف وتعيش في هوامش النظام، تلك الدهاليز هي المساحة التي يتكثف فيها التباين بين الواقع والمأمول.

حين يصبح الاحتلال الإداري طريقة تفكير لا مجرد مخالفة، لا يحتاج المرء إلى مجهر ليلاحظ أن كثيرًا من الأشياء تسير ببطء، والمدهش أن هذا البطء لم يكن دائمًا مشكلة، فقد تحول دون اتفاق رسمي إلى طريقة حياة، ثم إلى نظام إداري، ثم شيئًا فشيئًا إلى ما يمكن أن نسميه مجازًا اقتصاد التجاوزات.

يأتي هذا الكتاب محاولة لقراءة تلك المساحات الخفية داخل المؤسسات، لا بوصفها استثناءً عابرًا، بل بوصفها جزءًا مكوّنًا من بنية العقل الإداري ذاته. تتشكل بفعل التفاعل بين الثقافة التنظيمية، وهياكل السلطة، والضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط بالمؤسسة. فالدهاليز ليست مجرد مسارات جانبية، بل هي منظومة موازية تؤثر في كثير من الأحيان في القرارات، وفي تدفق المعلومات، وفي مصائر الأفراد والمشروعات على حد سواء.

هذا الكتاب ليس عن الذين يتجاوزون اللوائح ولا عن الأموال الضائعة، ولا يتحدث عن الخراب الإداري الذي يعرفه الجميع، إنه عن الفلسفة الخفية التي تُلد الاحتلال وتربيه وتُسمّنه في الظل حتى يصبح جزءًا من المشهد اليومي.
نحن هنا لا نجلد أحدًا، بل نحاول أن نفهم حتى تحوّلت الأخطاء الصغيرة إلى عادات، وكيف أصبح "تعال بكرة" مؤسسة وطنية؟ وكيف صار الموظف البسيط – دون أن يقصد – بوابة ثروات صامتة؟

يستند هذا العمل إلى مقاربة تحليلية تجمع بين المفاهيم الحديثة في الإدارة والحوكمة، وبين قراءة واقعية للتجارب المؤسسية في بيئات مختلفة، مع التركيز على كيفية تشكّل الاختلالات، وكيف تتندى وتنمو عبر الزمن، وما الآليات التي تسمح لها بالاستمرار حتى تصبح داخل أكثر المؤسسات انضباطًا من حيث الشكل. كما يتناول الكتاب أثر هذه الاختلالات على الأداء المؤسسي، وكفاءة الموارد، وثقة الجمهور، وعلى قدرة المؤسسة على تحقيق أهدافها في النهاية.

سنَتجوّل بين مكاتب مكتنزة بالأوراق، وقرارات تتخذها المصالح قبل القوانين، ووظائف صارت مشاريع شخصية، وطرائق عجيبة في التعامل مع الوقت والمعلومة والمصلحة.
سنسمع الهمس الذي يدير الإدارات أكثر من اللوائح. سنرى كيف يمكن لعيب صغير في جدار النظام العام أن يتحول إلى بوابة واسعة لتسرّب الاحتلال الإداري، وكيف ينشأ "الذكاء الماكر" حين تتحقق السلطة وتغيب الحوكمة، وكيف تصبح الوظيفة العامة أداة لكسب مصالح بدلاً من أن تكون خدمة للمواطن.

إن كشف الدهاليز لا يهدف إلى جلد المؤسسات أو شيطنة العاملين بها، بل إلى فهم قيادة أعمق: فهم يمكن القادة وصناع القرار والممارسين والباحثين من التفكير في تخمينات واقعية قابلة للتطبيق، تستند إلى تحليل علمي لا إلى انطباعات عابرة.
ومن خلال هذا التحليل يمكن إعادة بناء الجسور بين النصوص التنظيمية، والتطبيق العملي، وبين القيم المعلنة والممارسات اليومية، بحيث تتحول المؤسسة من فضاء للتشارك إلى فضاء للثقة.

هذا كتاب يقترب من الاحتلال الإداري لا كجريمة فقط، بل كظاهرة إنسانية وثقافية واجتماعية واقتصادية. كتاب يبتسم لكنه ينشر، ويَسخر لكنه يحلّل، ويحكي الحكاية لكنه يكشف المنطق الذي يقف خلفها. كُتب هذا الكتاب لأن السودان لا يحتاج إلى تقارير جديدة عن الاختلالات، بل يحتاج إلى فهم فلسفة التفكير التي تُعيد إنتاج الاحتلال مهما تغيّرت الحكومات وتبدّلت الوجوه.

وعندما نسوّغ الفلسفة التي تخلق الاحتلال الإداري، نستطيع أن نفهم فلسفة مضادّة لطيفة، وكلما فهمنا كيف تتحرك “الثورة الصامتة” داخل المؤسسات، نحاول أن نصنع “ثورة صامتة” مقابلة. هذا الكتاب محاولة لإعادة ترتيب العقل قبل الواقع، ولإصلاح فهمنا للوظيفة قبل إصلاح هياكل الدولة، فما لم تتغير طريقة التفكير، فلن يتغير شيء حتى لو تغير كل شيء.

رؤية الكتاب ليست فضح التجاوزات بل تفكيك روحها، ولا اتهام الأشخاص بل تحليل الظاهرة، وليس جلد الذات بل تحريك الضمير وليس البكاء على الانقسام العميق الذي يكشف الحقيقة؛ فهو فلسفة مجازية تقوم على السر النقي، الأمثلة اللطيفة، والسخرية المحترمة التي تشبه روح السودانيين في النقد اللطيف دون تجريح.

في الصفحات القادمة، لا ندّعي تقديم حلول سحرية، بل نحاول أن نضع بين يدي القارئ خريطة دقيقة لذلك العالم غير المرئي، عسى أن تكون خطوة أولى في طريق إصلاحه.

__د. أنور عبد الله ليمان

تحميل كتاب دهاليز المؤسسات - فلسفة الاختلالات الإدارية وغياب الحوكمة PDF - د. أنور عبد الله ليمان

هذا الكتاب من تأليف د. أنور عبد الله ليمان و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها

الملكية الفكرية محفوظة لمؤلف الكتاب المذكور.
في حالة وجود مشكلة بالكتاب الرجاء الإبلاغ من خلال أحد الروابط التالية:
بلّغ عن الكتاب أو من خلال التواصل معنا


حقوق الكتب المنشورة عبر مكتبة فولة بوك محفوظة للمؤلفين ودور النشر
لا يتم نشر أي كتاب دون موافقة صريحة من المؤلف أو الجهة المالكة للحقوق
إذا تم نشر كتابك دون علمك أو بدون إذنك، يرجى الإبلاغ لإيقاف عرض الكتاب
بمراسلتنا مباشرة من هنــــــا