وُلِد الكاتب معروف الرَّصافي لأم عربية هي فاطمة بنت جاسم القراغولي وأب كردي من قبيلة الجَبّاره عام 1875م في بغداد، كان والده عريفاً في الجيش العثماني وإشترك في الحرب الروسية- العثمانية عام 1877
بدأ درسته في الكتاتيب، وقضى ثلاث سنوات في المدرسة الإبتدائية العسكرية الرشدية التي أسسها العثمانيون عام1870، التي تُعِد ضباط عراقيين لتولي الجيش وموظفين مدنيين لتولي الوظائف الادارية المختلفة وكانت تدرس التاريخ والجغرافية والإنشاء والدين ومباديء الحساب والخط واللغة التركية.
ثم إنتسب الى المدارس الدينية ودرس على يد الشيخ عبد الوهاب النائب، وقاسم القيسي، وعباس حلمي القَصّاب، ثم إنتسب الى حلقة درس الشيخ محمود شاكر الآلوسي، ولازمه أثنتي عشرة سنة، وهذا ما أثّر كثيراً في شخصيته الدينية والمذهبيه المتطرّفه رغم ما يتمتع به من وعي، وقد لقّبه أستاذه الآلوسي بالرصافي تيمّناً بشخصية بغدادية مشهورة آنذاك هو معروف الكرخي (نسبة لجانب الكرخ من ضّفة دجلة الذي يشطر بغداد لنصفين) فأخذ هو لقب الجانب الثاني من بغداد (الرصافه) فسُمّيَ بمعروف عبد الغني الرصافي..
أثار كتابه (الشخصية المحمدية) ثائرة المتزمتين ضده، ورموه بالطعن بشخص النبي ودعو الناس لتكفيره وطالبوا بنفيهِ من العراق فكلّفت الحكومة فهمي المدرس (إبن القاضي الشرعي لمحكمة بغداد الذي كان أستاذاً في كلية الالهيات بجامعة دار الفنون وكلية الآداب في الإستانة) بدراسة الكتاب فساند الرصافي في محنته هذه.
وبعد إكمال فهمي المدرس تقريره عُهَدَ الى مدير الأوقاف العام حيث كلّفته الحكومة بإستفتاء رأي العلماء في الموضوع، فجاء في تقريره (.. يحتوي كتاب الرصافي على ثلاثة فصول الفصل الاول في وحدة الوجود التي هي أساس التصوّف أي الفلسفة الإسلامية، ففنّد الرصافي في هذا الفصل مزاعم زكي مبارك (الدكتور المصري الأزهري عن رسالته التصوف الإسلامي في الأدب والاخلاق والمنتدب للعمل مدرساً في بغداد عام 1937م. كأستاذ للأدب العربي في دار المعلمين العالية). حول مصطلحات السادة الصوفية وشرحها شرحاً يُزيل الشك والإبهام ويُزيد القاريء إيماناً بعظمة هذا المذهب وهذا المبحث الدقيق الفلسفي إنما يفهمه أهله لا الذين يقتصر إنشغالهم العلمي على كتب الجادة ولم يطرقوا باب
الفلسفة. على إن مبادئ التصوّف قد كانت مثار الفزع بين علماء الظاهر (أي الفقهاء) وبين علماء الباطن (الصوفية) منذ إن إنتشر مذهبهم على أثر تعريب الفلسفة اليونانية في عهد المأمون حتى أدى النزاع الى تكفير بعض المشايخ الصوفية وإهانتهم. فلا غرابة فيما لو كانت تعليقات الرصافي في هذا الباب مبعث التحامل والإنتقاد، ويلي هذه التعليقات البحث عن الحق والباطل والخير والشر والبعث بعد الموت والحساب والثواب والعقاب والجنة والنار في معرض مناقشة الدكتور مبارك.
ومن المعلوم أن علماء الدين ذهبوا في هذه المسائل مذاهب شتى ومنهج المعتزلة والصوفية إذ لا يُعقل أن رجلاً يدافع عن الاسلام والمسلمين وعن شخصية سيد الأولين والآخرين دفاعاً مجيداً ثم يُنقَض دفاعه المجيد بهفوة لا تغتفر، وبالإجمال لن يظهر لنا في تعليقات الرصافي ما يمس كرامة الدين...).
عندها إقتنعت الحكومة بخلو الكتاب مما يمس الدين بسوء فقررت بشراء النسخ جميعها من الاسواق درأ للفتنة..
قال الرصافي عن إعداد كتابه هذا: " قضيت الأيام أهجر بغداد الى مُعتَزلي في الفلّوجة قبل سبع سنين من كتابة هذه الرسالة التي كتبتها في أيام هذه الحرب الهتلرية وأنا قابع في دار عزلتي ضحية لإبائي كل ضيمٍ وعدائي كلّ ظلم"
الوظائف التي شغلها الكاتب:
وبعد إكمال دراسته عُين معلماً لأول مرة في مدرسة الراشدية 10 كلمتر شمالي بغداد. ثم إنتقل الى مدرسة جامع علي أفندي. وبعدها إنتقل الى مدرسة الإعدادية الملكية فعُيّن معلماً للغة العربية أيام نامق باشا الصغير (1899-1902)، وظل فيها حتى إعلان الدستور سنة 1908.
نظم ونشر شعره في المجلات المصرية كالقبس والمؤيد، فضلاً عن رئاسته لتحرير القسم العربي في صحيفة بغداد لصاحبها مراد سليمان في عام 1908م. ثم سافر الى تركيا ليحرر جريدة عربية أسمها الإقدام عام 1909، وعُين مدرساً للغة العربية في المدرسة الملكية في إسطنبول ومحرر لجريدة (سبيل الرشاد) ثم درس في مدرسة الوعّاظ وبعدها عاد الى بغداد. وإنتُخب نائباً عن لواء العمارة (محافظة ميسان حاليا) في مجلس المبعوثين العثماني لعام 1912 ثم أُعيد إنتخابه نائب عن لواء المنتفق (محافظة ذي قار حالياً) في عام 1914
وبعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها سافر الى دمشق عام 1919 ثم دعي للتدريس اللغة العربية في مدينة القدس في فلسطين عام 1920م.
وفي عام 1921عاد الى بغداد فعُيّن نائب رئيس لجنة الترجمة والتأليف في وزارة المعارف (التربية والتعليم حالياً). ورئيس تحريرمجلة دار المعلمين الشهرية التي
صدرت عام 1921. وسافر ثانيةً الى تركيا عام 1922 ثم عاد الى بغداد 1923.
وأصدر جريدة (الأمل) اليومية وأُختِيرَ عضواً بالمجمع العلمي العربي في دمشق 1923، وعُيّن مفتشاً للغة العربية بوزارة المعارف 1924، وعضو للمجمع العلمي العراقي 1926، فأستاذ اللغة العربية وآدابها في دار المعلمين العالية 1927
توفي الرصافي بدارهِ ببغداد في محلة السفينة في الأعظمية ليلة الجمعة في 16/3/1945، وشيع بموكب مهيب سار فيهِ الأدباء والأعيان ورجال الصحافة ودفن في مقبرة الخيزران، وصلى على جنازتهِ الشيخ حمدي الأعظمي، وشهد الصلاة عليه الشاعر وليد الأعظمي، و قالوا في تأبينهِ قصائد كثيرة.
أعماله الأدبية:
ترك لنا الرصافي العديد من المؤلفات منها:
* ديوانه المطبوع مرة في بيروت سنة 1910 برعاية محي الدين الخياط ومصطفى الغلايني. وأُعيد طبعه ثانية عام (1931م)
* كتابه الرؤيا قصة مترجمة عن نامق كمال 1909
* وكتابه (دفع الهجنة في ارتضاخ اللكنة 913
* كتاب (نفح الطيب في الخطابه والخطيب) وهي محاضراته في مدرسة الوعاظ في تركيا 1917
* الاناشيد المدرسية 1920
* تمائم التربية والتعليم 1924
* دروس في تاريخ آداب اللغة العربية وهي محاضراته في دار المعلمين العالية 1928
* محاضراته الأدب العربي 1924
* رسائل التعليقات 1944
* على باب سجن أبو العلاء المعري 1946م.
* عالم الذباب 1947، آراء أبو العلاء المعري 1955
* نظرة إجمالية في حياة المتنبي 1959
* الأدب الرفيع في بنوان الشعر وقوافيه 1956
* الأدب العربي ومميزات اللغة العربية 1952
* وكتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس
* كتاب الادن وبلادة دفع المراق في كلامهم أهل العراق
* الرسالة العراقية في السياسة والدين والاجتماع