عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف (1300 - 1375 هـ) فقيه وشاعر ومؤرخ ومصلح اجتماعي من شيوخ العلم والأدب. يعد من أعلام النهضة الإسلامية في اليمن وواحدًا من رواد الشعر والفكر فيها. جلس للتدريس، ونبغ في الفقه، فكان مرجعًا فيه، ودرسه وأفتى به، حتى أصبح مفتي حضرموت وقاضيها. كان ذا نفوذ قوي في الشؤون العامة في تلك البلاد، وصلة قوية بحكام أقاليمها، وإسهام بارز في السعي لتوحيد أجزائها واستقلالها، ورفع الاحتلال البريطاني عنها. له إسهامات علمية ومؤلفات فكرية وتاريخية وأدبية، من أبرزها كتاب «العود الهندي عن أمالي في ديوان الكندي» وهو مجالس أدبية في ديوان أبي الطيب المتنبي.
ولد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف بمدينة تريم بحضرموت سنة 739 هـ، ووالدته هي عائشة بنت أبي بكر الورع بن أحمد بن الفقيه المقدم. وكانت نشأته منذ نعومة أظفاره وهو بين سماع القرآن وعلوم الشريعة في المنزل والمجالس والحلقات، فحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ أحمد بن محمد الخطيب، وأتقن علوم القرآن والتجويد، وحقق جميع المتون الفقهية واللغوية، وكبُر حرصه على الأعمال الصالحة مبكرًا، ولازم المطالعات والمراجعات وتحقيق العلوم، وخاصة في مجالس والده، فكانت مؤلفات العلوم كلها في حوزة والده وجملة من مشايخه، حتى قيل أنه كاد أن يحفظ «الوجيز» و«المهذب» لكثرة تردادهما ومطالعتهما وحضور مجالس تقريرهما. وقد قرأ في علم الشريعة خمسين مجلدًا فضلًا عما عداه من سائر العلوم، مع إتقان وتجويد، وتحقيق وتدقيق في العلم والعمل بها. وكانت بينه وبين الشيخ فضل بن عبد الله بافضل صحبة وطيدة، ومحبة شديدة، وموالفات روحية، وكثرة اجتماع في مجالس عديدة على قراءة العلوم النافعة.